ومنها: ما قيل: القاتل والمقتول من الصحابة في الجنة، إن كان قتالهم من الاجتهاد الواجب اتباعه.
وأجيب بأن ذلك عند عدم الاجتهاد، وعدم ظن أن فيه الصلاح الدينيّ، أما إذا اجتهد، وظن الصلاح فيه، فهما مأجوران، مثابان، من أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر، وما وقع بين الصحابة هو من هذا القسم، فالحديث ليس عامًّا.
ومنها: ما قيل: لِمَ منع أبو بكرة الأحنف منه؟ ولم امتنع بنفسه منه؟.
وأجيب بأن ذلك أيضًا اجتهاديّ، فكان يؤدي اجتهاده إلى الامتناع والمنع، فهو أيضًا مثاب في ذلك.
ومنها: ما قيل: إن لفظة "في النار" مشعرة بحقية مذهب المعتزلة، حيث قالوا بوجوب العقاب للعاصي.
وأجيب بالمنع؛ لأن معناه: حقّهما أن يكونا في النار، وقد يعفو اللَّه عنهما.
ومنها: ما قيل: لِمَ أدخل الحرص على القتل، وهو صغيرة في سلك القتل، وهو كبيرة؟.
وأجيب بأنه أدخلهما في سلك واحد في مجرد كونهما سببًا لدخول النار فقط، وإن تفاوتا صغرًا وكبرًا، وغير ذلك.
ومنها: ما قيل: إنما سمى اللَّه الطائفتين في الآية مؤمنين، وسماهما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث مسلمين حال الالتقاء، لا حال القتال وبعده.
وأجيب بأن دلالة الآية ظاهرة، فإن في قوله تعالى:{فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[الحجرات: ١٠]، سمّاهما اللَّه أخوين، وأمر بالاصلاح بينهما، ولأنهما عاصيان قبل القتال، وهو من حين سعيا إليه، وقصداه، وأما الحديث فمحمول على معنى الآية (١)، واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: ورد في اعتزال الأحنف القتال في وقعة الجمل سبب آخر، فأخرج الطبريّ بسند صحيح، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن