للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو يَعُدّ الفتن: منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئًا، ومنهنّ كرياح الصّيف، منها صغار، ومنها كبار".

قال القرطبيّ: قلت: على أنَّي أقول: إن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان الله تعالى قد أعلمه بتفاصيل ما يجري بعده لأهل بيته، وأصحابه، وبأعيان المنافقين، وبتفاصيل ما يقع في أمته من كبار الفتن، وصغارها، وأعيان أصحابها، وأسمائهم، وأنه بَثّ الكثير من ذلك عند من يصلح لذلك من أصحابه، كحذيفة فقال: "ما ترك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا، يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدًا، إلَّا قد سمّاه لنا باسمه، واسم أبيه، وقبيلته"، أخرجه أبو داود.

وبهذا يُعلم أن أصحابه كان عندهم من علم الكوائن الحادثة إلى يوم القيامة العلم الكثير، والحظ الوافر، لكن لَمْ يُشيعوها؛ إذ ليست من أحاديث الأحكام، وما كان فيها شيء من ذلك حدّثوا به، ونقضوا عن عهدته.

ولحذيفة - رضي الله عنه - في هذا الباب زيادة مزيّة، وخصوصية لَمْ تكن لغيرة منهم؛ لأنَّه كان كثير السؤال عن هذا الباب، كما دلت عليه أحاديثه، وكما دل عليه اختصاص عمر - رضي الله عنه - له بالسّؤال عن ذلك دون غيره.

وأبو زيد المذكور في هذا الباب: هو عمرو بن أخطب - بالخاء المعجمة - الأنصاريّ، من بني الحارث بن الخزوج، صَحِب النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال: غزوت، معه ستّ غزوات، أو سبعًا، وقد تقدم القول في حديث حذيفة - رضي الله عنه - في "كتاب الإيمان". انتهى (١).

(حَفِظَهُ) - فتح الحاء المهملة، وكسر الفاء -، من باب عَلِمَ، يقال: حَفِظْتُ المالَ وغيرَه حِفْظًا: إذا منعته من الضَّيَاع والتَّلَف، وحَفِظْتُهُ: صُنته عن الابتذال، واحْتَفَظْتُ به، والتَّحَفُّظُ: التحرّزُ، وحَافَظَ على الشيء مُحَافَظَةً، ورجل حَافِظٌ لدينه، وأمانته، ويمينه، وحَفِيظٌ أيضًا، والجمع حَفَظَةٌ، وحُفَّاظٌ، مثلُ كافر في جَمْعه، وحَفِظَ القُرْآنَ: إذا وعاه على ظهر قلبه، واسْتَحْفَظْتُهُ الشيءَ: سألته أن ب حفظه، وقيل: استودعته إياه، وفُسّر: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا


(١) "المفهم" ٧/ ٢٢٠ - ٢٢٢.