للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو يموت". وإنما قال عمر ذلك اعتمادًا على ما عنده من النصوص الصريحة في وقوع الفتن في هذه الأمة، ووقوع البأس بينهم إلى يوم القيامة، وقد تقدّم حديث جابر في قوله تعالى: {أَو يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} الآية [الأنعام: ٦٥].

وقد وافق حذيفة على معنى روايته هذه أبو ذرّ، فروى الطبرانيّ بإسناد رجاله ثقات: "أنه لقي عمر، فأخذ بيده، فغمزها، فقال له أبو ذرّ: أرسل يدي يا قفل الفتنة. . ."الحديث، وفيه أن أبا ذر قال: "لا يصيبكم فتنة ما دام فيكم" وأشار إلى عمر.

وروى البزار من حديث قُدامة بن مظعون، عن أخيه عثمان أنه قال لعمر: يا غلق الفتنة، فسأله عن ذلك، فقال: "مررتَ، ونحن جلوس عند النبيّ فقال: هذا غلق الفتنة، لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغلق ما عاش".

(قَالَ) شقيق: (فَقُلْنَا لِحُذِيْفَةَ) - رضي الله عنه -: (هَلْ كَانَ عُمَرُ) - رضي الله عنه - (يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟) وفي رواية جامع بن شداد: "فقلنا لمسروق: سله أكان عمر يعلم من الباب؟ فسأله، فقال: نعم"، وفي رواية أحمد عن وكيع، عن الأعمش: "فقال مسروق لحذيفة: يا أبا عبد الله، كان عمر يعلم؟ ".

(قَالَ) حذيفة: (نَعَمْ) يعلم ذلك (كمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ)؛ أي: أن ليلة غد أقرب إلى اليوم من غد، وقوله: (إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ) هو بقية كلام حذيفة - رضي الله عنه -، والأغاليط جمع أغلوطة، وهو ما يُغالَط به؛ أي: حدثته حديثًا صدقًا محققًا من حديث النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -"، لا عن اجتهاد، ولا رأي.

وقال ابن بطال - رَحِمَهُ اللهُ -: إنما عَلِم عمر - رضي الله عنه - أنه الباب؛ لأنه كان مع النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على حراء، وأبو بكر، وعثمان، فرجف، فقال: "اثبُتْ، فإنما عليك نبيّ، وصديق، وشهيدان أو فَهِم ذلك من قول حذيفة: "بل يُكسر". انتهى.

قال الحافظ: والذي يظهر أن عُمر عَلِم الباب بالنصّ، كما قدمت عن

عثمان بن مظعون، وأبي ذر، فلعل حذيفة حضر ذلك، وفي حديث عمر - رضي الله عنه - أنه سمع خطبة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحدث عن بدء الخلق، حتى دخل أهل الجَنَّة منازلهم، وتقدّم حديث حذيفة - رضي الله عنه - أنه قال: أنا أعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وفيه أنه سمع ذلك معه من النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جماعة ماتوا قبله.