للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن الجوزيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الْجَرَعة بفتح الراء: التَّلّ من الرمل، لا يُنبت شيئًا، وهذا مكان نزلوه؛ ليتهيئوا للقتال، وذلك أن عثمان بعث سعيد بن العاص أميرًا على الكوفة، فخرجوا، فردّوه، فرجع إلى عثمان، فقال عثمان: ما تريدون؟ قالوا: البدل، قال: فمن تريدون؟ قالوا: أبا موسى، فبعثه إليهم، ثم أخرج بسنده عن أبي عبيدة معمر بن المثنى أن عثمان بن عفان نزع سعد بن أبي وقاص عن الكوفة، واستعمل الوليد بن عقبة، ثم نزعه، وبعث سيد بن العاص، فلم يدعوه يدخلها.

وعن وهب بن جرير، عن أبيه أن سعيد بن العاص توجه إلى الكوفة أميرًا، فقال أهل الكوفة: لا والله لا يدخلها علينا سعيد، ولا يلي أمرنا، وبعثوا إلى الأشتر، فقَدِم عليهم، وخرج أهل الكوفة حتى نزلوا الْجَرَعة، وأمْرهم إلى الأشتر، فلما قَدِم سعيد ركبوا خيولهم، وأخذوا رماحهم، وقالوا: ارجع وراءك فلا والله لا تلي أمرنا، فرجع.

وقال جرير عن الأعمش، عن زيد بن وهب: لمّا خرج الناس إلى الجررعة قيل لحذيفة: ألا تخرج؟ قال: لقد علمت أنهم لن يهريقوا بينهم محجمة من دم.

وعن الأعمش عن عمرو بن مرّة، عن أبي الْبَختريّ، عن أبي ثور الحدائيّ قال: دُفعت إلى حذيفة وأبي مسعود يوم الجرعة، وهما يتحدثان، وأبو مسعود يقول: والله ما كنت أرى أن ترتد على عقبيها، ولم يهريقوا فيها محجمة من دم.

وفي الحديث من الفقه جواز أن يحلف الرجل على ما يظنّ، كما حلف جندب، ثم قال لنفسه: ما هذا الغضب؟ وذلك أنه بأن له أن الصواب ليس معه، فرجع إلى الصواب. انتهى ابن الجوزيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

الظاهر أن مجيئه إلى الجرعة كان لاستقبال الأمير الذي ولاه عثمان - رضي الله عنه -، وهو سعيد بن العاص.

(فَإِذَا) هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأني (رَجُلٌ جَالِسٌ) هو حذيفة - رضي الله عنه -،


(١) "كشف المشكل" ١/ ٣٨٩ - ٣٩١.