والأمر: هَرِقْ ماءك، والأصل: هَرْيِقْ وزانُ دحرج، وقد يُجمع بين الهاء والهمزة، فيقال: أَهْرَاقَهُ يُهْرِيقُهُ، ساكن الهاء، تشبيهًا له بِأَسْطاع يُسطيع، كأن الهمزة زبدت عوضًا عن حركة الياء في الأصل، ولهذا لا يصير الفعل بهذه الزيادة خماسيًّا، "ودعا بذنوب، فَأُهْرِقَ" ساكن الهاء، وفي "التهذيب": من قال: أَهْرَقْتُ، فهو خطأ في القياس، ومنهم من يجعل الهاء كأنها أصل، ويقول: هَرَقْتُهُ هَرْقًا، من باب نَفَعَ، وفي الحديث:"إِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهْرَاقُ الدِّمَاءَ" بالبناء للمفعول، و"الدماء" نُصِب على التمييز، ويجوز الرفع على إسناد الفعل إلي بها، والأصل: تُهْرَاقُ دماؤها، لكن جُعلت الألف واللام بدلًا عن الإضافة، كقوله تعالى:{عُقْدَةَ النِّكَاحِ}[البقرة: ٢٣٥]؛ أي: نكاحها. انتهى (١).
والمعنى: والله ليُصبّنّ (الْيَوْمَ) ظرف لـ "يُهراق"، وكذا قوله:(هَا هُنَا)، وقوله:(دماءٌ) بالرفع على أنه نائب الفاعل لـ "يُهراق"، وإنما قال ذلك لعدم قبول الناس الأمير الذي أرسله الخليفة عثمان - رضي الله عنه -، فخاف أن يكون بينه وبينهم قتال.
(فَقالَ ذَاكَ الرَّجُلُ) الجالس: (كَلَّا)؛ أي: ارتدع عما قلت، فإنه لا يهراق الدم (وَاللهِ) أقسم الرجل على ما قاله، قال جندب:(قُلْتُ: بَلَى وَاللهِ) ليراقنّ الدماء، (قَالَ) الرجل: (كَلَّا وَاللهِ) لا يراق الدم، (قُلْتُ: بَلَى وَالله، قَالَ كَلَّ