للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم هذا الإسناد نفسه قبل ثلاثة أبواب.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَا) نافية، ولذا رُفع الفعل بعدها، (تَقومُ السَّاعَةُ)؛ أي: القيامة، (حَتَّى يَحْسُرَ) بفتح أوله، وسكون الحاء المهملة، وكسر السين المهملة، وضمها، من بابَي ضرب، ونصر؛ أي ينكشف.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "يحسر الفرات أي: يكشف، ومنه حَسَرت المرأة عن وجهها؛ أي: كشفت، والحاسر: الذي لا سلاح عليه، وكأن هذا إنما يكون إذا أخذت الأرض تقيء ما في جوفها، كما تقدّم في "الزكاة". انتهى (١).

والمراد مِن حسر الفرات: أن ينكشف ماؤه، فيظهر في محلّه جبل من ذهب، وفي رواية حفص بن عاصم الآتية: "عن كنز من ذهب"، فيَحْتَمل أن يكون ما يظهر جبلًا حقيقةً فيه كنز من ذهب، ويَحْتَمل أن يكون كنزًا سُمّي في هذه الرواية جبلًا؛ لكثرة ما فيه من ذهب.

وأخرج ابن ماجه عن ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تَطْلع الرايات، السُّود من قِبَل المشرق، فيقتلونكم قتلًا لَمْ يُقتله قوم، ثم ذكر شيئًا لا أحفظه، فقال: فإذا رأيتموه، فبايعوه، ولو حبوًا على الثلج، فإنه خليفة الله المهديّ" (٢).

فهذا إن كان المراد بالكنز فيه: الكنز الذي في حديث الباب دلّ على أنه إنما يقع عند ظهور المهديّ، وذلك قبل نزول عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام -، وقبل خروج النار جزمًا، أفاده في "الفتح" (٣).


(١) "المفهم" ٧/ ٢٢٨ - ٢٢٩.
(٢) "سنن ابن ماجه" ٢/ ١٣٦٧، وقال الحافظ البوصيريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
(٣) "الفتح" ١٣/ ٨١.