للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(الْفُرَاتُ) بضمّ الفاء، وتخفيف الراء: نهر مشهور، يكتب بالتاء المجرورة، وقيل: يجوز أن يكتب بالهاء، كالتابوت والتابوه، والعنكبوت والعنكبوه، قاله في "العمدة" (١).

وقال الفيّوميّ: الفُرَاتُ: نهر عظيم، مشهور، يخرج من حدود الروم، ثم يمرّ بأطراف الشام، ثم بالكوفة، ثم بالْحِلَّة، ثم يلتقي مع دجلة في البطائح، ويصيران نهرًا واحدًا، ثم يصبّ عند عَبّادان، في بحر فارس، والفرات: الماء العذب، يقال: فَرُتَ الماءُ فُرُوتَةً، وزانُ سَهُلَ سُهُولة: إذا عَذُب، ولا يجمع إلَّا نادرًا على فِرْتَان، مثلُ غِرْبان. انتهى (٢).

(عَنْ جَبَلِ مِنْ ذَهَبٍ) وفي رواية: "عن كنز من ذهب". قال الحافظ: تسميته كنزًا باعتَبار حاله قبل أن ينكشف، وتسميته جبلًا للإشارة إلى كثرته.

(يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ)؛ أي: على أخذه، (فَيُقْتَلُ) بالبناء للمفعول، (مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَة وَتِسْعُونَ)؛ أي: ويبقى واحد، وفي رواية أبي سلمة عند ابن ماجه: "فيقتتل الناس عليه، فيُقتل من كل عشرة تسعة"، وهي رواية شاذّة، والمحفوظ رواية مسلم هنا، وسيأتي شاهده من حديث أبيّ بن كعب - رضي الله عنه -، ولو صحّت رواية ابن ماجه جُعلت على التقريب، وإلغاء الكسر في نسبة المقتولين إلى العشرة؛ لأنَّ تسعة وتسعين في مائة حينما تُذكر بالنسبة إلى العشرة تكون تسعة وكسرًا، والعرب من عادتها إلغاء الكسر (٣)، وجَمَع الحافظ بين الروايتين بإمكان المجمع باختلاف تقسيم الناس إلى قسمين، والله تعالى أعلم.

(وَيقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ)؛ أي: من الناس المتقاتِلِين؛ يعني: أنه يقتحم القتال مع ما يرى من شدّته؛ لأنه يرجو أن يكون هو الناجي، فيفوز بالكنز دون غيره. (لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو") مقتضى الظاهر أن يقول: ينجو بصيغة الغائب، قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هو من باب قوله:

أَنا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ

أي: أنا الذي ينجو، فنظر إلى المبتدأ، فحَمَل الخبر عليه، لا على


(١) "عمدة القاري شرح صحيح البخاريّ" ٣٥/ ١٨٦.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٥.
(٣) "تكملة فتح الملهم" ٦/ ٢٨٩.