للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ) قال ابن الملك: قيل: المراد بها: حلب، والأعماق، ودابق، موضعان بقربه، وقيل: المراد بها: دمشق، وقال في "الأزهار": وأما ما قيل: من أن المراد بها مدينة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فضعيف؛ لأنَّ المراد بالجيش الخارج إلى الروم: جيش المهديّ، بدليل آخر الحديث، ولأن المدينة تكون خرابًا في ذلك الوقت (١).

وقال صاحب "التكملة" بعدما نقل ما تقدّم: لعله يشير إلى ما رواه أبو داود عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - مرفوعًا: "عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح قسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال"، لكن ليس في ذلك الحديث أنه ليس بين خراب يثرب وخروج الملحمة فصلٌ، وقد تُذكر الأشياء في أشراط الساعة، وبينها فصل كبير. انتهى (٢).

(مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ) بيان للجيش، (يَوْمَئِذٍ) احتراز من زمنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، (فَإِذَا تَصَافُّوا) بي ششديد الفاء المضمومة، (قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا) علي بناء المبنيّ للفاعل، (نُقَاتِلْهُمْ) يريدون ذلك مخاتلة المؤمنين، ومخادعة بعضهم عن بعض، ويبغون تفريق كلمتهم، والمرادون بذلك هم الذين غزوا بلادهم، فسَبَوْا ذريتهم، كذا ذكره التوربشتيّ - رَحِمَهُ اللهُ - وهو الموافق للنُّسخ، والأصول، قال ابن الملك: ورُوي "سُبُوا" ببناء المجهول، قال القاضي: ببناء المعلوم وهو الصواب.

وقال النووي - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "سبوا منا" رُوي سُبُوا على وجهين: فتح السين والباء، وضمهما، قال القاضي في "المشارق": الضم رواية الأكثرين، قال: وهو الصواب، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: كلاهما صواب؛ لأنهم سُبُوا أَوّلًا، ثم سَبَوْا الكفار، وهذا موجود في زماننا، بل معظم عساكر الإسلام في بلاد الشام ومصر سُبُوا، ثم هم اليوم بحمد الله يَسْبُون الكفار، وقد سبَوْهم في زماننا مرارًا


(١) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٥/ ٣٩٩.
(٢) "تكملة فتح الملهم" ٦/ ٢٩٤.