الفاعليّة؛ أي: إذا رأى الدجّال عيسى، (ذَابَ)؛ أي: شرع في الذّوَبان (كمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاء، فَلَوْ تَرَكَهُ)؛ أي: لو ترك عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام - الدجال، ولم يقتله (لَانْذَابَ)؛ أي: لسال بنفسه، واضمحلّ (حَتَّى يَهْلِكَ) بنفسه بالكلية دون أن يقتله عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام -، (وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ)؛ أي: بيد عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام -، (فَيُرِيهِمْ)؛ أي: يري الناس الحاضرين عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام -، وقال القاري: فيريهم؛ أي: يري عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام -، أو الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - المسلمين، أو الكافرين، أو جميعهم، (دَمَهُ)؛ أي: دم الدجال (فِي حَرْبَتِهِ")؛ أي: في حربة عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام -، وهو رُمح صغير، وقد روى الترمذيّ عن مُجَمِّع بن جارية مرفوعًا: "يقتل ابن مريم الدجال بباب لدّ"، والمشهور أنه من أبواب مسجد القدس، وفي "النهاية": هو موضع بالشام، وقيل: بفلسطين، ذكره السيوطيّ في شرحه للترمذيّ، ولعل الدجال يهرب من بيت المقدس بعد ما كان محاصرًا، فيلحقه عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام - في أحد الأماكن، فيقتله، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٩/ ٧٢٥٠](٢٨٩٧)، و (الحاكم) في "المستدرك" (٤/ ٥٢٩)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (١٥/ ٢٢٤)، و (المقرئ الدانيّ) في "السنن الواردة في الفتن" (٩/ ١١١٥)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان أعظم معجزة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - حيث أخبر بما سيكون في أمته من علامات الساعة.
٢ - (ومنها): أن من علامات الساعة فتح القسطنطينيّة، وهذا الفتح غير الفتح الذي وقع فتحها على يد محمد الفاتح من سلاطين آل عثمان في جمادى الأولى سنة (٨٥٧ هـ)، بل المراد هنا: فتح المهديّ لها آخر الزمان، والله تعالى أعلم.
٣ - (ومنها): بيان نزول عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام - من السماء في ذلك الوقت.