للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَبَيْنَمَا هُمْ)؛ أي: المسلمون، (يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتونِ) أراد الشجر المعروف، والجملة حال، دالّة على كمال الأمن. (إِذ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ)؛ أي: نادى بصوت رفيع، (إِنَّ الْمَسِيحَ) بكسر الهمزة؛ لِمَا في النداء من معنى القول، ويجوز فتحها؛ أي: أعلمهم، والمراد بالمسيح: الدَّجّال. (قَدْ خَلَفَكُمْ) بتخفيف اللام؛ أي: قام مقامكم.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "قد خلفكم في أهليكم" كذا الرواية الجيّدة مخففة اللام، بغير ألف؛ أي: بشرّ، يقال: خلفك الرجل في أهلك بخير، أو بشرّ، وقد تقدم قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من خَلَف غازيًا في أهله بخير فقد غزا"، متّفقٌ عليه، وقد رواه بعضهم: "خالفكم"، والأول أجود؛ لأنَّ خالف يتعدى بـ "إلى"، وخلف يتعدى بـ "في"، ورَدُّ خالف إلى خَلَف يجوز. انتهى (١).

(فِي أَهْلِيكُمْ)؛ أي: في ذراريكم، كما في رواية، (فَيَخْرُجُونَ)؛ أي: يخرج جيش المدينة من قسطنطينية، (وَذَلِكَ)؛ أي: القول من الشيطان (بَاطِلٌ)؛ أي: كذب وزور، (فَإِذَا جَاؤوا الشَّأْمَ) الظاهر أن المراد به القدس منه؛ لِمَا في، بعض الروايات من التصريح به. (خَرَجَ)؛ أي: الدجّال، (فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ) بضم أوله، وكسر ثانية، من الإعداد؛ أي: يستعدون، ويتهيؤون (لِلْقِتَالِ)؛ أي: لقتال الدجال، وقوله: (يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ) بدل من "يُعدون"، أو حال، (إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ)؛ أي: إذ أقام المؤذّن لأجل الصلاة التي حضرت في ذلك، الوقت، وهي صلاة الصبح، (فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) - عَلَيْهَا السَّلَامْ -؛ أي: ينزل من السّماء، على منارة مسجد دمشق، فيأتي القدس، (فَأَمَّهُمْ) عَدَل إلى الماضي؛ تحقيقًا للوقوع، وإشعارًا بجواز عطف الماضي على المضارع، وعكسه؛ أي: أَمَّ عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام - المسلمين في تلك الصلاة، ومن جملتهم المهديّ، وفي رواية: "قَدَّم المهديّ"، معللًا بأن الصلاة إنما أقيمت لك، وإشعارًا بالمتابعة، وأنه غير متبوع استقلالًا، بل هو مقرِّر، ومؤيّد، ثم بعد ذلك يؤم بهم على الدوام، فقوله: "فأمهم" فيه تغليب، أو تركيب مجازيّ؛ أي: أمر إمامهم بالإمامة، ويكون الدجال حينئذٍ محاصرًا للمسلمين. (فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ) بالرفع على


(١) "المفهم" ٧/ ٢٣٢.