للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعيد؛ لأنَّ من تاب قبل طلوع الشمس من مغربها، أو قبل الغرغرة قَبِل الله توبته؛ للنصوص الواضحة في ذلك، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(وَيُقتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ) برفع "أفضلُ" على تقدير مبتدأ؛ أي: هم، وفي نسخة بالنصب على أنه حال، (وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ)؛ أي: الثلث الباقي من المسلمين، (لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا)؛ أي: لا يُبتَلَون ببلية، أو لا يمتحنون بمقاتلة، أو لا يعذَّبون أبدًا، ففيه إشارة إلى حُسن خاتمتهم، (فَيَفْتَتِحُونَ) الفاء تعقيبية، أو تفريعية، قال ابن الملك: وفي نسخة: "فيفتحون" بتاء واحدة، وهو الأصوب؛ لأن الافتتاح أكثر ما يُستعمل في معنى الاستفتاح، لا يقع موقع الفتح، قال القاري: سبق مثل هذا في كلام التوربشتيّ، لكن الظاهر أن فيه إيماء إلى أن الفتح كان بمعالجة تامّة، وفي "القاموس": فتح، كمنع ضدّ أَغلق، كفتَّحَ، وافتتح، والفتح: النصر، وافتتاح دار الحرب، والاستفتاح: الاستنصار والافتتاح (١).

والمعنى: فيأخذون من أيدي الكفار (قُسْطُنْطِينِيَّةَ) هي بضمّ القاف، وسكون السين، وضم الطاء الأولى، وكسر الثانية، وبعدها ياء ساكنة، ثم نون، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا ضبطناه ها هنا، وهو المشهور، ونقل القاضي - رَحِمَهُ اللهُ - في "المشارق" عن المتقنين زيادة ياء مشدّدة بعد النون، قال القاري: ونُسخ "المشكاة" متفقة على، ما قاله عياض، وفي بعض النُّسخ زيادة ياء مخففة بدل ياء مشدّدة، فقد قال الجزريّ: ثم نون، ثم ياء مخففة، وحَكَى بعضهم تشديدها، وقال آخرون: بحذفها، ونقله عياض عن الأكثرين، ثم هي مدينة مشهورة أعظم مدائن الروم، قال الترمذيّ: والقُسطنطينية قد فُتحت في زمن بعض أصحاب النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتُفتح عند خروج الدجال، قال الحجازيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "حاشية الشفاء": قُسطنطينة، وقُسطنطينيّة، ويروى بلام التعريف: دار مَلِك الروم، وفيها ست لغات، فتح الطاء الأُولي، وضمها، مع تخفيف الياء الأخيرة، وتشديدها، مع حذفها، وفتح النون، وهذه بضم الطاء أكثر استعمالًا، والقاف مضموم بكل حال. انتهى (٢).


(١) "القاموس المحيط" ص ٩٧٣.
(٢) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٥/ ٣٩٩.