الميم، وهذه الرواية هي الموجودة في "الجمع بين الصحيحين" لعبد الحقّ، وكلاهما صحيح، لكن الأول هو المشهور الظاهر، وهو بمعنى الروايات السابقة:"نَبَاتَ الْحِبَّة في حَمِيل السيل"، وأما "نَبَاتُ الدّمْن": فمعناها أيضًا كذلك، فإن الدِّمْن: الْبَعْرُ، والتقدير: نباتَ ذي الدِّمْن في السيل، أي كما يَنْبُت الشيء الحاصل في الْبَعْر والْغُثَاء الموجود في أطراف النهر، والمراد التشبيه به في السرعة والنَّضَارة، وقد أشار صاحب "المطالع" إلى تصحيح هذه الرواية، ولكن لم يُنَقّح الكلام في تحقيقها، بل قال: عندي أنها رواية صحيحة، ومعناه: سُرْعة نبات الدِّمْن، مع ضعف ما يَنْبُت فيه، وحُسْن مَنْظَره، والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).
(وَيَذْهَبُ حُرَاقُهُ) بضم الحاء المهملة، وتخفيف الراء، وضميره يعود على الْمُخْرَج من النار، ومعنى حُرَاقه: أَثَرَ النار.
(ثُمَّ يَسْأَلُ) الضمير للمخرَج أيضًا: أي يسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يُعطيه من نعيم الجنّة ما تهواه نفسه، وتتمنّاه (حَتَّى تُجْعَلَ) بالبناء للمفعول (لَهُ الدُّنْيَا، وَعَشَرَة أَمْثَالِهَا مَعَهَا") وقد تقدّم في الأحاديث الماضية أنه يقال ذلك بعد أن يتمنّى، ويتمنّى، حتى تنقطع به الأمانيّ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان" [٩٠/ ٤٧٦](١٩١)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ٣٤٥ و ٣٨٣)، و (عبد الله بن أحمد) في "السنّة" (٢٦٩ و ٢٧٠)، و (ابن منده) في "الإيمان" (٨٥٠)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٣٦٣ و ٣٦٤)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٤٧٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.