للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسعود: (نَعَمْ) إياهم أريد، (وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكمُ الْقِتَالِ) بين ذلك العدوّ وبين المسلمين، وقوله: (رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ) فاعل لمقدّر؛ أي: تقع كرّة قويّة، ورجعة كثيرة بعد الفرار، أو صولة شديدة، كما في "النهاية". (فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ)؛ أي: يقتطعون، ويُهَيِّؤون، ويُعِدّون، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "فيشترط" ضبطوه بوجهين: أحدهما: "فيشترط" بمثناة تحتُ، ثم شين ساكنة، ثم مثناة فوقُ، والثاني: "فيتَشَرّط" بمثناة تحتُ، ثم مثناة فوقُ، ثم شين مفتوحة، وتشديد الراء. انتهى (١).

(شُرْطَةً) بضم الشين، وسكون الراء: طائفة من الجيش، تتقدم للقتال، وتشهد الوقعة، سُمُّوا بذلك؛ لأنهم كالعلامة للجيش (٢).

وقال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: الشّرْطَةُ بالضم: واحِدُ الشُّرَط، كصُرَدٍ، وهُمْ أولُ كَتِيبَةٍ تَشْهَدُ الحَربَ، وتَتَهَيَّأ للمَوْتِ، وطائِفَةٌ من أعوانِ الوُلَاةِ معروفة، وهو شُرْطِيٌّ، كتُرْكِيّ، وجُهَنِيّ، سمّوا بذلك؛ لأَنَّهُمْ أعْلَمُوا أنْفُسَهم بعَلَاماتٍ يُعْرَفُونَ بها. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "الشرطة": بضم الشين، وهي هنا: أوّل طائفة من الجيش، تقاتل، ومنه الشّرطان لنجمين؛ لتقدّمهما أوّل الربيع، وقيل: إنهم سُمّوا بذلك؛ لعلامات يتميّزون بها، والأشراط: العلامات، وهذا هو الأعرف، ويحجز بينهم الليل؛ أي: يحول بينهم وبين القتال بسبب ظُلمته، والحاجز: هو الفاصل بين شيئين، ويفيء هؤلاء؛ أي: يرجع، ونَهَدَ إليهم؛ أي: تقدَّم، ومنه سمِّي الثدي؛ لأنَّه متقدّم في الصدر. انتهى (٤).

وقوله: (لِلْمَوْتِ) متعلّق بصفة لـ "شرطة"؛ أي: معدّة، ومهيّاة للموت، والمعنى أنهم يعزمون على هذه الطائفة أنَّها (لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً) على عدوّها، فإما أن تنتصر، وإما أن تموت.

وقال القاري: جملة "لا ترجع" صفة "شرطة" كاشفة، مبيّنة، موضحة،


(١) "شرح النوويّ" ٢٤/ ١٨.
(٢) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٥/ ٤٠٣.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٨٦٩.
(٤) "المفهم" ٧/ ٢٣٣.