للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الساعة لا تقوم - حتى لا يُقسَم ميراث، ولا يُفرَح بغنيمة" حيث أطلقه، ثم بيّنه بقوله: "عَدُوٌّ يَجمَعون … إلخ" بأن ذلك مقيّد بهذه الصفة، فحينئذ يصحّ أن يقال: فإذا كان كذلك، فبأي غنيمة يُفرَح، أوأيّ ميراث، والظاهر أنه بالرفع؛ أي: فأيّ ميراث يُقسم، و"أو" للتنويع، وفي النسخ بالجرّ، فالمعنى: فبأيّ ميراث تقع القسمة، وتأخير الميراث مع تقدمه سابقًا نظيره قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} [آل عمران: ١٠٦] الآية (١).

(فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا)؛ أي: المسلمون، (بِبَأْسٍ) بموحّدة، وهمزة ساكنة، وتبدل؛ أي: بحرب شديد.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "إذ سمعوا بناس هم أكثر" بِنون، وسير، مهملة، كذا للعذريّ، وكذا قرأته، وعند غيره: "بباس" بباء موحّدة، و"أكبر" بباء موحدة أيضًا، وهو الحرب الشديد، والأمر الهائل، قال بعض المشايخ: وهو الصواب، وتصححه رواية أبي داود: "إذ سمعوا بأمر أكبر من ذلك" (٢).

(هُوَ أَكْبَرُ)؛ أي: أعظم (مِنْ ذَلِكَ)؛ أي: مما سبق، والمراد بالبأس: أهله، (فَجَاءَهُمُ)؛ أي: المسلمين، (الصَّرِيخُ) فَعِيل من الصُّراخ، وهو الصوت. أي: صوت المستصرخ، وهو المستغيث، (إِنَّ الدَّجَّالَ) بفتح "أن"، ويكسر، (قَدْ خَلَفَهُمْ) بتخفيف اللام؛ أي: قعد مكانهم (فِي ذَرَارِيِّهِمْ) بتشديد الياء؛ أي: أولادهم، وفي رواية: "في أهليهم" (فَيَرْفُضُونَ)، بضم الفاء، وكسرها، من بابي نصر، وضرب؛ أي: يتركون، ويلقون (مَا فِي أَيْدِيهِمْ)؛ أي: من الغنيمة، وسائر الأموال؛ فزعًا على الأهل، والعيال، (وَيُقْبِلُونَ) من الإقبال؛ أي: ويتو جهون إلى الدجال، (فَيَبْعَثُونَ)؛ أي: يرسلون (عَشْرَ فَوَارِسَ) جمع فارس؛ أي: رجل راكبِ فرسٍ، وهو جمع غير قياسيّ؛ لأنَّ فَوَاعِل لا يكون جمعًا لوصف على فاعل؛ إذا المذكّر عاقل، وإنما يجمع المؤنّث، كحائض، أو المذكر غير العاقل، كصاهل، كما أشار إلى ذلك في "الخلاصة" بقوله:

فَوَاعَلٌ لِفَوْعَلِ وَفَاعَلِ … وَفَاعِلَاءَ مَعَ نَحْوِ كَاهِلِ


(١) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٥/ ٤٠٣.
(٢) "المفهم" ٧/ ٢٣٤.