للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ) - رضي الله عنه -؛ أنه (قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةٍ) لَمْ تُسمّ هذه الغزوة. (قَالَ) نافع: (فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ)؛ أي: جهة مغرب، المدينة، (عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ) هي لباس أهل البادية، والجملة في محل نَصْب على الحال، (فَوَافَقُوهُ) قال القرطبيّ: وقفوا أمامه، فوقف لهم، أو استدعوا منه ذلك، (عِنْدَ أَكَمَةٍ) بفتحات: هي القطعة الغليظة من الرمل، قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الأَكَمَةُ: تَلّ، وقيل: شُرْفةٌ كالرابية، وهو ما اجتَمَع من الحجارة في مكان واحد، ورُبّما غَلُظ، وربما لَمْ يَغْلَظ، والجمع أَكَمٌ، وأَكَمَاتٌ، مثلُ قَصَبَةٍ، وقَصَبٍ، وقَصَبَاتٍ، وجمع الأَكَمِ إِكَامٌ، مثلُ جَبَل وجِبال، وجمع الإِكَامِ أُكُمٌ، بضمتين، مثلُ كِتاب وكُتُب، وجمع الأُكُمِ آكَامٌ، مثلُ عُنُق وأَعناق. انتهى (٢).

(فَإِنَّهُمْ لَقِيَامٌ)؛ أي: قائمون على أقدامهم أمام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، (وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاعِدٌ) أمامهم. (قَالَ) نافع بن عُتبة: (فَقَالَتْ لِي نَفْسِي)؛ أي: حدّثتني نفسي، فقال لي: (ائْتِهِمْ)؛ أي: جئهم (فَقُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لَا يَغْتَالُونَهُ)؛ أي: لئلا يقتلونه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غِيلة، وهي القتل في غفلة، والمعنى أن نافعًا - رضي الله عنه - حدّث نفسه بأنه ينبغي له أن يأتي القوم، فيحجز بينهم وبينه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنهم من أجلاف البوادي، فيُخشى أن يقتلوه غِيلة. (قَالَ) نافع: (ثُمَّ قُلْتُ) لنفسي: (لَعَلَّهُ)؛ أي: لعلّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (نَجِيٌّ مَعَهُمْ)؛ أي: مُناجٍ؛ أي: متحدّث مع هؤلاء القوم سرًّا، ولا يريد أن أطّلع على سرّه، لكنه وجح عنده الإتيان؛ لشدّة خوفه منهم عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما قال: (فَأَتَيْتُهُمْ)؛ أي: القوم، (فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ ليحفظه، وإنما وجح لديه الإتيان مع خوفه أن يكون مناجيًا لهم؛ لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان حديثه معهم سرًّا لا يريد أن يطَّلع عليه غيرهم لمنعه من القيام بينهم وبينه، فلمّا لَمْ يمنعه ظهر أن مناجاته ليست سرًّا من الأسرار. (قَالَ) نافع: (فحَيفِظْتُ) بكسر الفاء، من باب عَلِمَ، (مِنْهُ)؛ أي: من النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَرْبَعَ


(١) "المفهم" ٧/ ٢٣٧.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٨.