للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَلمَاتٍ)؛ أي: أربع جُمَل، ففيه إطلاق الكلمة على الكلام، كما ابن مالك في "الخلاصة":

وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلَامُ قَدْ يُؤَمّ

وقوله: (أَعُدُّهُنَّ) بفتح أوله، وضمّ ثالثه، من باب نصر؛ أي: أُحصي تلك الكلمات الأربع (فِي يَدِي) إنما فعل ذلك ليضبطهنّ، ولا ينساهنّ. (قَال) رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ("تَغْزُونَ) أيَّتُها الأمة (جَزِيرَةَ الْعَرَبِ) قد سبق تفسيرها وتحريرها، ومجمله على ما حُكي عن مالك: مكة، والمدينة، واليمامة، واليمن، فالمعنى بقية الحزيرة، أو جميعها، بحيث لا يُترك كافر فيها، قاله القاري - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: جزيرة العرب: أرضهم التي نشؤوا فيها، وسمّيه، جزيرة؛ لأنَّها مجزورة بالبحار والأنهار؛ أي: مقطوعة بها، والجزر: هو القطع، وقيل: لأنَّها جُزرت بالبحار التي أحدقت بها، وقد تقدَّم القول فيها في "الجهاد" (٢).

(فَيَفْتَحُهَا اللهُ) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا الخطاب وإن كان لأولئك القوم الحاضرين، فالمراد هم ومن كان على مثل حالهم، من الصحابة، والتابعين الذين فُتحت بهم تلك الأقاليم المذكورة، ومن يكون بعدهم من أهل هذا الدين الذين يقاتلون في سبيل الله تعالى إلى قيام الساعة. ويرجع معنى هذا الحديث إلى الحديث الآخر الذي قال فيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على إلى حقّ، ظاهرين، لا يضرّهم من خذلهم إلى قيام الساعة"، رواه أحمد، والترمذيّ (٣).

(ثُمَّ) تغزون (فَارِسَ) جيل من الناس معروف، أو اسم لبلادهم، (فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ) تقدّم قريبًا، (فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ، فَيَفْتَحُهُ اللهُ") وفي نسخة: "فيفتحها الله"، قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقد وقع في بعض النسخ: "فيفتحه" بضمير المذكر، فيَحْتَمِل أنه يعني بذلك: قَتْل الدجال نفسهِ


(١) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ٥١.
(٢) "المفهم" ٧/ ٢٣٨.
(٣) "المفهم" ٧/ ٢٣٧.