للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن روايتهم، ومعناه: تأخذهم بالرحيل، وتزعجهم. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الضبط الذي ذكره النوويّ، وعزاه إلى الجمهور عندي محلّ نظر؛ لأن رَحَلَ ثلاثيًّا لازم، وليس متعدّيًا إذا كان بالمعنى المراد هنا، فالضبط الصحيح أن يكون بضمّ أوله، وتشديد الحاء، من الترحيل، فتأمله بالإمعان، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: (وَقَالَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَاشِرَةِ. . . إلخ) هذا من كلام شعبة، يقول: قال لي أحد الشيخين، وهما فرات، وعبد العزيز، في بيان الخصلة: هي نزول عيسى -عَلَيْهِ السَّلَام-، وقال الآخر: هي ريح تُلقي الناس في البحر.

وقوله: (وَرِيْحٌ تُلْقِي النَّاسَ فِي الْبَحْرِ)؛ أي: تهبّ شديدة، فترميهم في البحر، ولعل الجمع بينهما -أي: بين هذه الرواية التي فيها: "ترحّل الناس"- أن المراد بالناس: الكفار، وأن نارهم تكون منضمة إلى ريح شديدة الجري سريعة التأثير، في إلقائها إياهم في البحر، وهو موضع حشر الكفار، أو مستقر الفجار، كما ورد أن البحر يصير نارًا، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (٦)} [التكوير: ٦] بخلاف نار المؤمنين، فإنها لمجرد التخويف، بمنزلة السوط مهابة لتحصيل السَّوق إلى المحشر، والموقف الأعظم (٢)، واللَّه تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٧٢٩٥] (. . .) - (وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد -يَعْنِي: ابْنُ جَعْفَرٍ- حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي سَرِيْحَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي غُرْفَةٍ، وَنَحْنُ تَحْتَهَا نَتَحَدَّثُ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، بِمِثْلِهِ، قَالَ شُعْبَةُ وَأَحْسِبُهُ قَالَ: تَنْزِلُ مَعَهُمْ إِذَا نَزَلُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ، قَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَقَالَ الآخَرُ: رِيحٌ تُلْقِيهِمْ فِي الْبَحْرِ).


(١) "شرح النوويّ" ١٨/ ٢٨.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ١٠٣.