للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد وقع في بعض بلاد الحجاز في الجاهلية نحو هذه النار التي ظهرت بنواحي المدينة، في زمن خالد بن سنان العبسيّ، فقام في أمرها، حتى أخمدها، ومات بعد ذلك في قصة له، ذكرها أبو عبيدة معمر بن المثنى في "كتاب الجماجم"، وأوردها الحاكم في "المستدرك" من طريق يعلى بن مهديّ، عن أبي عوانة، عن أبي يونس، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رجلًا من بني عبس يقال له: خالد بن سنان، قال لقومه: إني أطفي عنكم نار الحدثان، فذكر القصة، حفيها فانطلق، وهي تخرج من شقّ جبل من حرّة يقال لها: حرة أشجع، فذكر القصة في دخوله الشقّ، والنار كأنها جبل سقر، فضربها بعصاه، حتى أدخلها، وخرج، ذكره في "الفتح" (١).

(تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى") قال ابن التين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يعني: من آخرها يبلغ ضوؤها إلى الإبل التي تكون ببصري، وهي من أرض الشام، وأضاء يجيء لازمًا، ومتعديًا، يقال: أضاءت النارُ، وأضاءت النارُ غيرها، و"بُصْرَى" بضم الموحّدة، وسكون المهملة، مقصورًا: بلد بالشام، وهي حَوْران (٢).

وقال أبو البقاء: "أعناق" بالنصب على أن "تضيء" متعدٍّ، والفاعل "النارُ أي: تجعل على أعناق الإبل ضوءًا، قال: ولو رُوي بالرفع لكان متجهًا؛ أي: تضيء أعناق الإبل به، كما جاء في حديث آخر: "أضاءت له قصور الشام".

وقد وردت في هذا الحديث زيادة من وجه آخر، أخرجه ابن عديّ في "الكامل" من طريق عمر بن سعيد التنوخيّ، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، يرفعه: "لا تقوم الساعة حتى يَسِيل وأدٍ من أودية الحجاز بالنار، تضيء له أعناق الإبل ببصرى"، وعُمر ذكره ابن حبان في "الثقات"، ولَيّنه ابن عديّ، والدارقطنيّ، وهذا ينطبق على النار المذكورة التي ظهرت في المائة السابعة.

وأخرج أيضًا الطبرانيّ في آخر حديث حذيفة بن أَسِيد المتقدّم: وسمعت


(١) "الفتح" ١٦/ ٥٥٥ - ٥٥٦، "كتاب الفتن" رقم (٧١١٨).
(٢) بفتح الحاء، وسكون الواو.