للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه-؛ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "لَا) نافية، (تَقُومُ السَّاعَةُ)؛ أي: القيامة، (حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ) المراد بهما الجنس، فهما في قوة النكرة، ويمكن أن يراد بهما الاستغراق، فكل فرد في هذا الاستحقاق. (فَيَقُولُ: يَما لَيْتَنِي مَكَانَهُ" أي: ميتًا، وفي الرواية التالية: "وليس به الدّين" بكسر الدال "إلا البلاء"؛ أي: الحامل له على التمني ليس الدِّين، بل البلاء، وكثرة المحن، والفتن، وسائر الضراء.

وقال في "الفتح": قوله: "فيقول: يا ليتني مكانه"؛ أي: كنتُ ميتًا، قال ابن بطال: تَغَبُّط أهل القبور، وتمنّي الموت عند ظهور الفتن إنما هو خوف ذهاب الدِّين بغلبة الباطل وأهله، وظهور المعاصي والمنكر. انتهى.

قال الحافظ: وليس هذا عامًّا في حق كل أحد، وإنما هو خاصّ بأهل الخير، وأما غيرهم فقد يكون لِمَا يقع لأحدهم من المصيبة في نفسه، أو أهله، أو دنياه، وإن لم يكن في ذلك شيء يتعلق بدينه، ويؤيده ما أخرجه في رواية أبي حازم، عن أبي هريرة، عند مسلم: "لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر، فيتمرغ عليه، ويقول: يا ليتني مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدِّين، إلا البلاء".

وذِكر الرجل فيه للغالب، وإلا فالمرأة يُتصور فيها ذلك، والسبب في ذلك ما ذُكر في رواية أبي حازم أنه يقع البلاء، والشدة، حتى يكون الموت الذي هو أعظم المصائب أهون على المرء، فيتمنى أهون المصيبتين في اعتقاده، وبهذا جزم القرطبيّ، وذكره عياض احتمالًا، وأغرب بعض شرّاح "المصابيح"، فقال: المراد بالدِّين هنا العادة، والمعنى أنه يتمرغ على القبر، ويتمنى الموت في حالة ليس المتمرّغ فيها من عادته، وإنما الحامل عليه البلاء.

وتعقبه الطيبيّ بأن حمل الدِّين على حقيقته أَولى؛ أي: ليس التمني والتمرغ لأمر مر أصابه من جهة الدِّين، بل من جهة الدنيا.

وقال ابن عبد البرّ: ظن بعضهم أن هذا الحديث معارض للنهي عن تمني الموت، وليس كذلك، وإنما في هذا أن هذا القدر سيكون؛ لشدة تنزل بالناس