للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أنه قد يُفْهَم من الحديث أن هذا التمني لا يَعرِض للإنسان إلا عند رؤية القبر، وذلك قد يدلّ على خفة هذا التمني، وعدم تأكده، فلو تأكد لاستحضره من غير رؤية القبر.

ويَحْتَمِل أن يقال: هذا أبلغ؛ لأن الإنسان قد يتمنى الموت من غير استحضار لهيئته وصورته، فإذا استحضره وتصوّره، وشاهد الموتي، ورأى القبور نفر من هذا الأمر، وأحب الحياة، ولم يعد يتمنى الموت، ولمّا كان الرجل مستمرًّا على تمني الموت مع ذلك، دل على تأكد هذا الأمر، وقوته عنده، إذ لم يصرفه عنه ما شاهد من وحشة القبور، وفي تلك الرواية التي عند مسلم مبالغة في ذلك الأمر، وهو أنه يتمرغ على القبر، وذلك يدل على تأكد تمنّيه، وشدة تعلقه به، واللَّه أعلم (١).

وبالمسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٧٢٧٥] (. . .) - (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ -وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبَانَ- قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ، فَيَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ: يَا لَيْتَني (٢) كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ، إِلَّا الْبَلَاءُ").

رجال هذا الإسناد: ستّةٌ:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ) هو: محمد بن يزيد بن محمد بن كثير العجليّ، أبو هشام الكوفيّ، قاضي المدائن، ليس بالقويّ، من صغار [١٠] وذكره ابن عديّ في شيوخ البخاريّ، وجزم الخطيب بأن البخاريّ روى عنه، لكن قد قال البخاريّ: رأيتهم مُجْمِعين على ضَعْفه، مات سنة ثمان وأربعين ومائتين (م د ق) تقدم في "الزكاة" ١٨/ ٢٣٤١.

٢ - (أَبُو إِسْمَاعِيلَ) أو أبو مُنَين -بنونين، مصغّرًا- يزيد بن كيسان


(١) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٣/ ٢٣٨ - ٢٤٠.
(٢) وفي نسخة: "يا ليتني مكان".