للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والعصْب: هو الشدّ، والْعُصْبة: ما بين العشرين إلى الأربعين، وإنما أطلق النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على المفتتحين كنز كسرى: عصابة، وإن كانوا عساكر بالنسبة إلى عدد عدوهم، وجيوشه، فإنَّهم كانوا بالنسبة إليهم قليلًا، ويَحْتَمِل أن يريد بالعصابة: الجماعة السابقة لفتح القصر الأبيض دون الجيش كله، فإنَّ اللَّه لما هَزَم الفرس، وجيوشهم العظيمة على يدي سعد بن أبي وقاص -رضي اللَّه عنه- وعسكره، وكان عدد مَن معه يوم فتح القادسية ستة آلاف، أو سبعة آلاف، على ما ذكره محمد بن جرير الطبريّ، فرّ المنهزمة من الفرس إلى المدائن منزل كسرى، فتبعهم المسلمون إلى أن وصلوا إلى دجلة، وهي تَقذف بالزبد، فاقتحمها المسلمون فرسانًا ورجّالة، خائضين يتحدّث بعضهم مع بعض، فلما رأى ذلك الفرس هالهم ذلك، فتخففوا بما أمكنهم من المال، والذخائر النفيسة، وفرّوا، ولم يبق فيها إلا من ثَقُل عن الفرار، ودخل المسلمون المدائن، وفيها القصر الأبيض الذي فيه إيوان كسرى، وأمواله، وذخائره النفيسة التي لم يُسمع بمثلها، قال أهل التاريخ: كان في البيت الأبيض ثلاثة آلاف ألف ألف ألف -ثلاث مرات- غير أن رستمًا لمّا فرّ منهزمًا حَمَل معه نصف ما كان في بيوت الأموال، وترك النصف الآخر، فملّكه اللَّه المسلمين، فأصاب الفارس من فيء المدائن اثنا عشر ألفًا، ولمّا دُخل القصر الأبيض وجدوا فيه ملابس كسرى، وحليته، وبساطه الذي ما سُمع في العالمين بمثله، فجاؤوا بكل ذلك إلى عمر -رضي اللَّه عنه-، فكان ذلك كله مُظهرًا لصدق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للعيان، بحيث يضطر إليه كل إنسان. انتهى (١).

وقوله: (أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) "أو" هنا للشكّ من الراوي، وهو أبو كامل الْجَحْدريّ. (كَنْزَ آلِ كِسْرَى) "الكنز": هو المال المدفون تسميةً بالمصدر، والجمع: كُنوزٌ، مثلُ فلس وفُلوس (٢). (الَّذِي فِي الأَبْيَضِ") "؛ أي: الذي في قصره الأبيض، أو قُصوره، ودُوره الْبِيض (٣).


(١) "المفهم" ٧/ ٢٦٠ - ٢٦١.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٤٢.
(٣) "شرح النوويّ" ١٨/ ٤٣.