للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عيسى عليه السلام، وكما وقع صريحًا في حديث أبي أمامة في قصة خروج الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وفيه: "وراء الدجال سبعون ألف يهوديّ، كلهم ذو سيف، مُحَلًّى، فيدركه عيسى عند باب لُدّ، فيقتله، وينهزم اليهود، فلا يبقى شيء مما يتوارى به يهوديّ إلا أنطق اللَّه ذلك الشيء، فقال: يا عبد اللَّه -للمسلم- هذا يهوديّ، فتعال، فاقتله، إلا الغرقد، فإنها من شجرهم"، أخرجه ابن ماجه مطوّلًا، وأصله عند أبي داود، ونحوُه في حديث سمرة عند أحمد، بإسناد حسن، وأخرجه ابن منده في "كتاب الإيمان" من حديث حذيفة بإسناد صحيح، قاله في "الفتح" (١).

(الْيَهُودَ) قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يقال: هم يهود غير منصرف؛ للعلميّة ووزن الفعل، ويجوز دخول الألف واللام، فيقال: اليهود، وعلى هذا فلا يمتنع التّنوين؛ لأنه نُقل عن وزن الفعل إلى باب الأسماء، والنّسبة إليه يَهُودِيٌّ، وقيل: اليهوديُّ زسبة إلى يهودا بن يعقوب؛ هكذا أورد الصغانيّ يَهُودَا في باب المهملة. انتهى (٢).

(فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ، حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ)؛ أي: ينطق الحجر حقيقةً، فيقول: يا مسلم هذا يهوديّ، وقيل: هو مجازٌ، وهو ضعيف، والأول هو الصواب.

(يَا مُسْلِمُ) وفي الرواية الآتية: "يا مسلم، يا عبد اللَّه"، (هَذَا يَهُودِيٌّ، فَتَعَالَ، فَاقْتُلْهُ") "تَعَالَ" أمْر من تَعَالَى يَتَعَالَى، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأصله أن الرجل العالي كان ينادي السافل، فيقول: تَعَالَ، ثم كَثُر في كلامهم حتى استُعمل بمعنى هَلُمّ مطلقًا، وسواء كان موضع المدعوّ أعلى، أو أسفل، أو مساويًا، فهو في الأصل لمعنى خاصّ، ثم استُعمل في معنى عامّ، ويتصل به الضمائر باقيًا على فتحه، فيقال: تَعَالَوا، تَعَالَيَا، تَعْالَينْ، وربما ضُمّت اللام مع جمع المذكر السالم، وكسرت مع المؤنثة، وبه قرأ الحسن البصريّ في قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} [آل عمران: ٦٤]؛ لمجانسة الواو. انتهى (٣)، واللَّه تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ٨/ ٢٧١ - ٢٧٢، "كتاب المناقب" رقم (٣٥٩٣).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٢.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٨.