للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-)؛ أنه (قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ) بضم أوله؛ أي: يخرج، وليس المراد بالبعث معنى الإرسال المقارن للنبوة، بل هو كقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ} الآية [مريم: ٨٣]. (دَجَّالُونَ) هو فعّال بفتح أوله، وتشديد ثانيه، من الدّجْل، وهو التغطية، وسُمّي الكذابُ دجّالًا؛ لأنه يُغَطِّي الحق بباطله، ويقال: دَجَلَ البعيرَ بالقَطِران: إذا غطاه، والإناءَ بالذهب: إذا طلاه، وقال ثعلب: الدجال الممَوِّه، سيفٌ مُدَجَّل: إذا طُلي، وقال ابن دُريد: سّمي دجالًا؛ لأنه يغطى الحقّ بالكذب، وقيل: لضربه نواحي الأرض، يقال: دَجَلَ مخففًا، ومشدّدًا: إذا فَعَلَ ذلك، وقيل: بل قيل ذلك؛ لأنه يغطي الأرض، فرجع إلى الأول، وقال القرطبيّ في "التذكرة": اختُلف في تسميته دجّالًا على عشرة أقوال، ذكره في "الفتح" (١).

وقال أيضًا: الدجل: التغطية، والتمويه، ويطلق على الكذب أيضًا، فعلى هذا يكون قوله: (كَذَّابُونَ) تأكيدًا.

وقال في "العمدة": قوله: "حتى يُبعث أي: حتى يظهر "دجالون" جمع دجال؛ أي: خلّاطون بين الحق والباطل، مُمَوِّهون، والفرق بينهم وبين الدجال الأكبر، أنهم يدّعون النبوة، وهو يدّعي الإلهية، لكنهم كلهم مشتركون في التمويه، وادعاء الباطل العظيم، وقد وُجد كثير منهم، فضحهم اللَّه، وأهلكهم. انتهى (٢).

وقوله: (قَرِيبٌ) بالرفع على الصفة، وفي بعض النسخ: "قريبًا" بالنصب على الحال من النكرة؛ لكونها موصوفةً، كما قال في "الخلاصة":

وَلَمْ يُنَكَّرْ غَالِبًا ذُو الْحَالِ إِنْ … لَمْ يَتَأَخَّرْ أَوْ يُخَصَّصْ أَوْ يَبِنْ

مِنْ بَعْدِ نَفْي أَوْ مُضَاهِيهِ كَـ "لَا … يَبْغِي امْرُؤٌ عَلَى امْرِئ مُسْتَسْهِلَا"

وقال في "العمدة": قوله: "قريب" مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛


(١) "الفتح" ١٦/ ٥٧٤، "كتاب الفتن" رقم (٧١٢٢).
(٢) "عمدة القاري" ٢٤/ ٢١٥.