للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أي: عددهم قريب، قال الكرمانيّ: أو منصوب مكتوب بلا ألف على اللغة الربيعية. انتهى (١).

(مِنْ ثَلَاثِينَ) كذا في هذه الرواية بأنهم قريبٌ من ثلاثين، وقد جزم بأنهم ثلاثون في رواية أبي داود، فقد أخرج في "سننه" عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالون، كلهم يزعم أنه رسول اللَّه"، وفي رواية: "حتى يخرج ثلاثون كذابًا دجالًا، كلهم يكذب على اللَّه، وعلى رسوله".

وروى أبو يعلى بإسناد حسن عن عبد اللَّه بن الزبير تسمية بعض الكذابين المذكورين بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابًا، منهم مسيلمة، والعنسيّ، والمختار".

وقد ظهر مصداق ذلك في آخر زمن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فخرج مسيلمة باليمامة، والأسود العنسيّ، باليمن، ثم خرج في خلافة أبي بكر طُليحة بن خُويلد، في بني أسد بن خزيمة، وسَجَاح التميمية، في بني تميم، وفيها يقول شبيب بن ربعي، وكان مؤدبها [من البسيط]:

أَضْحَتْ نَبِيَّتُنَا أُنْثَى نُطِيفُ بِهَا … وَأَصْبَحَ أَنْبِيَاءُ النَّاسِ ذُكْرَانَا

وقُتل الأسود قبل أن يموت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقُتل مسيلمة في خلافة أبي بكر، وتاب طليحة، ومات على الإسلام على الصحيح، في خلافة عمر، ونُقل أن سجاح أيضًا تابت، وأخبار هؤلاء مشهورة عند الأخباريين.

ثم كان أول من خرج منهم: المختار بن أبي عبيد الثقفيّ، غَلَب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير، فأظهر محبة أهل البيت، ودعا الناس إلى طلب قتلة الحسين، فتبعهم، فقَتَل كثيرًا ممن باشر ذلك، أو أعان عليه، فأحبه الناس، ثم إنه زين له الشيطان أن ادَّعَى النبوة، وزعم أن جبريل يأتيه، فروى أبو داود الطيالسيّ بإسناد صحيح عن رفاعة بن شدّاد، قال: كنت أبْطنَ شيء بالمختار، فدخلت عليه يومًا، فقال: دخلت، وقد قام جبريل قبلُ من هذا الكرسيّ.


(١) "عمدة القاري" ٢٤/ ٢١٥.