للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعصمه منهم، وقال الخطابيّ: والذي عندي أن هذه القصة إنما جرت معه أيام مهادنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- اليهود وحلفاءهم، وذلك أنه بعد مقدمه المدينة كتب بينه وبينهم كتابًا صالحهم فيه على أن لا يهاجُوا، وأن يُتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم، أو دخيلًا في جملتهم، وقيل: لأنه كان من أهل الذمة، وقيل: لأنه كان دون البلوغ، وهو ما اختاره عياض، فلم تَجْر عليه الحدود.

السؤال الثاني: لِمَ اشتغل به النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولِمَ حاور معه المحاورات المذكورة؟.

وأجيب بأنه كان يبلغه ما يدعيه من الكهانة، ويتعاطاه من الكلام في الغيب، فامتحنه ليعلم حقيقة حاله، ويُظهر أمره الباطل للصحابة، وأنه كاهن ساحر، يأتيه الشيطان، فيلقي على لسانه ما تلقيه الشياطين للكهنة.

السؤال الثالث: رَوَى الترمذيّ وغيره من حديث أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من نبي إلا وقد إنذر أمته الأعور الكذاب، ألا أنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه: ك ف ر"؛ قال: هذا حديث صحيح.

وفي رواية مسلم: "الدجال مكتوب بين عينيه: ك ف ر" أي كافر، وفي لفظ له: "يقرؤه كل مسلم"، وفي حديث عبد اللَّه بن عمر: "ما من نبيّ إلا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه. . . " الحديث، رواه مسلم، وقد ثبت في أحاديث الدجال أنه يخرج بعد خروج المهديّ، وأن عيسى؛ يقتله إلى غير ذلك، فما وجه إنذار الأنبياء عليهم السلام أمتهم عنه؟.

وأجيب بأن المراد به تحقيق خروجه؛ يعني: لا يشكّون في خروجه، فإنه يخرج لا محالة، ونبّهوا على فتنبّه، فإن فتنبّه عظيمة جدًّا تُدهش العقول، وتحيّر الألباب، مع سرعة مروره في الأرض، وقلة مكثه.

[فإن قلت]: لم خصّ النبيّ نوحًا عليه السلام بالذكر؟.

[قلت]: لأنه عليه السلام مقدَّم المشاهير من الأنبياء عليهم السلام كما قدّمه في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} الآية [الشورى: ١٣].

٣ - (ومنها): أن أحاديث هذا الباب حجة لمذهب أهل الحقّ في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه ابتلى اللَّه تعالى عباده به، وأقدره على أشياء من مقدورات اللَّه تعالى، من إحياء الميت الذي يقتله، وظهور زَهْرة الدنيا