والخصب معه، واتباع كنوز الأرض له، وأمْر السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة اللَّه تعالى ومشيئته، ثم يعجزه اللَّه تعالى بعد ذلك، فلا يقدر على شيء من ذلك، ثم يقتله عيسى ابن مريم -عليهما الصلاة والسلام- وأبطل أمْره الخوارج، والجهمية، وبعض المعتزلة، وزعم الجبائيّ ومن وافقه أنه صحيح الوجود، لكن ما معه مخارق، وخيالات، لا حقيقة لها؛ ليفرق بينه وبين النبيّ.
وأجيب عنه بأنه لا يدعي النبوة، فيحتاج إلى فارق، وإنما يدعي الألوهية، وهو مكذَّب في ذلك؛ لسمات الحدوث فيه، ونقص صورته، وعَوَره، وتكفيره المكتوب بين عينيه، ولهذه الدلائل وغيرها لا يغترّ به إلا رعاع الناس؛ لشدة الحاجة، والفاقة، وسدّ الرمَق، أو خوفًا من أذاه، وتقيةً.
٤ - (ومنها): أن فيه دليلًا على صحة إسلام الصبيّ، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- عرض عليه الإسلام، ولكن لشقاوته ما وُفّق له.
٥ - (ومنها) أن فيه دليلًا على صلابة عمر -رضي اللَّه عنه-، وقوة دينه، ودفاعه عنه.
٦ - (ومنها): أن فيه دلالةً على التثبت في أمر النهي، وأنه لا تستباح الدماء إلا بيقين (١)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الرابعة): ذكر في "الفتح" فوائد تتعلَّق بالدجّال، سبق بعضها، ولكن فيها فوائد وزوائد نفسية، فلنذكرها؛ لنفاستها، قال:
ومما يُحتاج إليه في أمر الدجال: أصله، وهل هو ابن صياد، أو غيره؟ وعلى الثاني، فهل كان موجودًا في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو لا؟ ومتى يخرج؟ وما سبب خروجه؟ ومن أين يخرج؟ وما صفته؟ وما الذي يدّعيه؟ وما الذي يظهر عند خروجه من الخوارق حتى تكثر أتباعه؟ ومتى يهلك؟ ومن يقتله؟.
فأما الأول: فقد ثبت في حديث جابر -رضي اللَّه عنه- أنه كان يحلف أن ابن صياد هو الدجال.
وأما الثاني: فمقتضى حديث فاطمة بنت قيس في قصة تميم الداري الذي أخرجه مسلم أنه كان موجودًا في العهد النبويّ، وأنه محبوس في بعض الجزائر.