للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى، جُفَالُ الشَّعَرِ، مَعَهُ جَنَّة وَنَارٌ، فَنَارُهُ جَنَّة، وَجَنَّتُهُ نَارٌ").

رجال هذا الإسناد: سبعة:

وقد تقدّموا غير مرّة. و"أبو معاوية" هو: محمد بن خازم الضرير. و"شقيق" هو: أبو وائل، ومن لطائفه أنه مسلسلٌ بالكوفيين، غير إسحاق بن راهويه، فمروزيّ.

شرح الحديث:

(عَنْ حُذَيْفَةَ) بن اليمان -رضي اللَّه عنهما- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى) تقدّم الجمع بينه، وبين الرواية الأخرى: "أعور العين اليمنى" بأن العور معناه العيب، فعينه اليمنى طافئة بالهمز ذهب ضوؤها، فهي عوراء حقيقةً، وعينه اليسرى طافية بلا همز؛ أي: ظاهرة ناتئة، فهي عوراء، معيبة، فكلتاهما معيبتان.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "الأعور": هو الذي أصابه في عينه عَوَرٌ، وهو العيب الذي يُذهب إدراكها، وهكذا صحّ في حديث حذيفة -رضي اللَّه عنه-: "اليسرى وقد صحّ من حديث ابن عمر مرفوعًا: "أنه أعور عينه اليمنى، كأنها عنبة طافية"، ورواه الترمذيّ أيضًا وصحّحه، وهذا اختلاف يصعب الجمع فيه بينهما، وقد تكلّف القاضي أبو الفضل الجمع بينهما، فقال: جمعُ الروايتين عندي صحيح، وهو أن كل واحدة منهما عوراء من وجهٍ مّا؛ إذ العور في كل شيء: العيب، والكلمة العوراء: هي المعيبة، فالواحدة عوراء بالحقيقة، وهي التي وُصفت في الحديث بأنها ليست جَحْراء، ولا ناتئة، وممسوحة، ومطموسة، وطافئة -على رواية الهمز-، والأخرى عوراء؛ لعيبها اللازم لها؛ لكونها جاحظة، أو كأنها كوكب، أو كأنها عنبة طافية -بغير همز- وكل واحدة منهما يصحّ فيها الوصف بالعور بحقيقة العرف، والاستعمال، أو بمعنى العور الأصليّ الذي هو العيب.

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وحاصل كلامه أن كل واحدة من عيني الدجال