للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ثُمَّ يُقَالُ)؛ أي: يقول اللَّه تعالى لآدم عليه السلام، كما تقدّم في "كتاب الإيمان" من حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، قال: يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، قال: فذاك حين يشيب الصغير، {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢)} [الحج: ٢]، قال: فاشتد ذلك عليهم، قالوا: يا رسول اللَّه أينا ذلك الرجل؟ فقال: "أبشروا، فإن من يأجوج ومأجوج ألفًا، ومنكم رجل. . . " الحديث.

(أَخْرِجُوا)؛ أي: افصلوا، وميّزوا (بَعْثَ النَّارِ)؛ أي: جماعتها، وحظّها، ونصيبها (فَيُقَالُ)؛ أي: يقول المأمورون بالإخراج: (مِنْ كَمْ؟)؛ أي: بأيّ نسبة نُخرج بعث النار من بين سائر الناس؟ (فَيُقَالُ) من قِبَل الرب سبحانه وتعالى: أخرجوا (مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ) شخصًا. (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فَذَاكَ)؛ أي: ذلك اليوم الذي يقع فيه هذا، (يَوْمَ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِييبًا) ببناء "يوم" على الفتح؛ لإضافته إلى جملة، ويجوز إعرابه بالرفع؛ لكونه مضافًا إلى معرب، وبالوجهين قرئ قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: ١١٩]، وإلى هذا أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الخلاصة" حيث قال:

وَابْنِ أَوَ اعْرِبْ مَا كَإِذْ قَدْ أُجْرِيَا … وَاخْتَرْ بِنَا مَتْلُوَّ فِعْلٍ بُنِيا

وَقَبْلَ فِعْلٍ مُعْرَبٍ أَوْ مُبْتَدَا … أَعْرِبْ وَمَنْ بَنَى فَلَنْ يُفَنَّدَا

ومعنى {يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: ١٧]؛ أي: يصيّر الصبيان شيبًا بالكسر جمع أشيب؛ أي: أصحاب شيْب، وهو بالكسر: الشَّعر الأبيض، والولدان جمع وليد، وهو الصغير؛ أي: يجعل ذلك اليوم الصغار شيبًا، لشدّة هوله، وقيل: هذا على سبيل التمثيل والتهويل، والأول هو الصواب، واللَّه تعالى أعلم.

(وَذَلِكَ) اليوم أيضًا (يَوْمَ يُكْشَف عَنْ سَاقٍ) بفتح "يوم" ورفعه، كما مرّ آنفًا، والمراد بكشف الساق: هو كشف اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عن ساقه؛ ففيه إثبات صفة الساق للَّه -عَزَّ وَجَلَّ- على ما يليق بجلاله، وهو المذكور في الحديث الصحيح، من حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء،