للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وأنه مسلسل بالكوفيين، غير الصحابيّ، فمصريّ، ثم طائفيّ.

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) -رضي اللَّه عنهما-؛ أنه (قَالَ: حَفِظْتُ) بكسر الفاء، من باب علم، واشتهر على ألسنة العوامّ فتحها، فليُتنبّه. (مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَدِيثًا)، وقوله: (لَمْ أَنْسَهُ) في محل نصب صفة "حديثًا"، (بَعْدُ) من الظروف المبنيّة على الضمّ؛ لقطعه جمن الإضافة، ونيّة معناها؛ أي: بعد سماعي إياه منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقوله: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) مستأنف استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدّر، كأنه قيل له: ما هو الحديث الذي حفظته منه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟، فأجاب بقوله: "سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، حال كونه (يَقُولُ) وهذا الكلام له قصّة، بُيّنت في الرواية التالية، حيث قال: "عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ: جَلَسَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمٍ بِالْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَمِعُوهُ، وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنِ الآيَاتِ، أَنَّ أَوَّلهَا خُرُوجًا الدَّجَّالُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لَمْ يَقُلْ مَرْوَانُ شَيْئًا، قَدْ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " الحديث.

فقوله: "لم يقل مروان شيئًا"؛ أي: لم يقل شيئًا يُعتبر به، ويعتدّ.

وقال في "فتح الودود": يريد أن ما قاله باطل، لا أصل له، لكن نقل البيهقيّ عن الْحَلِيميّ أن أول الآيات ظهورًا الدجال، ثم نزول عيسى -عليه السلام-، ثم خروج يأجوج ومأجوج، ثم خروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وذلك لأن الكفار يُسلمون في زمان عيسى -عليه السلام- حتى تكون الدعوة واحدة، فلو كانت الشمس طلعت من مغربها قبل خروج الدجال، ونزل عيسى لم ينفع الكفار إيمانهم أيام عيسى، ولو لم ينفعهم لَمَا صار الدين واحدًا، ولذلك أَوَّلَ بعضهم هذا الحديث بأن الآيات: إما أمارات دالّة على قرب القيامة، وعلى وجودها، ومن الأول الدجال، ونحوه، ومن الثاني طلوع الشمس، ونحوه، فأولية طلوع الشمس إنما هي بالنسبة إلى القسم الثاني. انتهى (١).


(١) "عون المعبود" ١١/ ٢٨٦.