للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(إِنَّ أَوَّلَ الآيَاتِ)؛ أي: العلامات التي تتقدّم قيام الساعة، وقوله: (خُرُوجًا) منصوب على التمييز؛ أي: من حيث الخروج، والظهور للناس، (طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا) قال الحافظ ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي أول الآيات التي ليست مألوفة، وإن كان الدجال، ونزول عيسى ابن مريم؛ قبل ذلك، وكذلك خروج يأجوج ومأجوج، كل ذلك أمور مألوفة؛ لأنهم بَشَر مشاهدتهم وأمثالهم مألوفة، فإن خروج الدابة على شكل غريب، غير مألوف، ومخاطبتها الناس، ووَسْمها إياهم بالإيمان، أو الكفر، فأمر خارج عن مجاري العادات، وذلك أول الآيات الأرضية، كما أن طلوع الشمس من مغربها على خلاف عادتها المألوفة أول الآيات السماوية. انتهى (١).

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فإن قيل: طلوع الشمس من مغربها ليس أول الآيات؛ لأن الدخان والدجال قبله.

قلنا: الآيات إما أمارات لقرب قيام الساعة، وإما أمارات دالة على وجود قيام الساعة وحصولها، ومن الأول الدخان، وخروج الدجال، ونحوهما، ومن الثاني ما نحن فيه من طلوع الشمس من مغربها، والرجفة، وخروج النار، وطردها الناس إلى المحشر، وإنما سمي أولًا؛ لأنه مبتدأ القِسم الثاني، ويؤيده حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها" حيث جعل طلوع الشمس من مغربها غاية لعدم قيام الساعة. انتهى (٢).

(وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى)؛ أي: وقت ارتفاع الشمس، قال القرطبيّ في "التذكرة": روى ابن الزبير أنها جُمعت من كل حيوان، فرأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيّل، وعنقها عنق النعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هرّ، وذَنَبها ذَنَب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصل ومفصل اثني عشر ذراعًا، ذكوه الثعلبيّ، والماورديّ، وغيرهما.


(١) "عون المعبود" ١١/ ٢٨٦.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٤٤٩.