للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا اللَّه عنه: وصفُ الدابّة بهذه الصفات يحتاج إلى نقل صحيح، واللَّه تعالى أعلم.

وقال القاري: قوله: "وخروج الدابة" بالرفع عطفًا على "طلوع الشمس"، وهو خبرُ "أولُ" فيلزم أن يكون الأول متعددًا، ولهذا قال ابن الملك: ولعل الواو بمعنى "أو"، ويؤيده ما في روايةٍ أخرى: "أو خروج الدابة على الناس ضحى" بالتنوين؛ أي: وقت ارتفاع النهار، و"ما كانت": "ما" زائدة، وقعت قبل صاحبتها، "فالأخرى على أثرها" قريبًا؛ أي: حصولًا، أو وقوعها قريبًا. وقد تقدم ما يتعلق بتحقيق الترتيب بينهما. وقال ابن الملك: إن قيل كل منهما ليس بأول الآيات؛ لأن بعض الآيات وقع قبلهما، قلنا: الآيات إما أمارات دالة على قربها، فأولها بعثة نبيّنا، أو أمارات متوالية دالة على وقوعها قريبًا، وهي المرادة هنا، وأما حديث أن أولها خروج الدجال، فلا صحة له، كذا في جامع الأصول.

ثم الظاهر أن نسبة الأولية الحقيقية إليهما مبهمة، وأنها بالنسبة إلى أحدهما مجازية، ولذا قال: (وَأَيُّهُمَا) وفي لفظ: "فأيتهما" بالفاء، والتأنيث، (مَا) زائدة، (كَانَتْ)؛ أي: وأيّ الآيتين المذكورتين وقعت (قَبْلَ صَاحِبَتِهَا، فَالأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا) بفتحتين، أو بكسر، فسكون؛ أي تحصل عقبها (قَرِيبًا").

قال الحليمي: طلوع الشمس يصلح أن يكون آية لأن الكفار يسلمون زمان عيسى حتى لا يكون إلا ملة واحدة، ولذلك أوَّلَ بعضهم هذا الحديث بأن الآيات إما أمارات دالة على قرب القيامة أو على وجودها. ومن الأول الدجال ونحوه، ومن الثاني طلوع الشمس ونحوه، فآية طلوع الشمس إنما هي بالنسبة إلى القسم الثاني. وقال ابن كثير: المراد في الحديث بيان أول الآيات الغير المألوفة لكونه بشرًا، فأما خروج الدابة على شكل غريب غير مألوف، ومخاطبتها الناس ووَسْمها إياهم بالإيمان والكفر، فأمر خارج من مجاري العادات، وذلك أول الآيات الأرضية، كما أن طلوع الشمس من مغربها على خلاف عادتها المألوفة أول الآيات السماوية (١).


(١) "حاشية السندي على ابن ماجه" ٧/ ٤٣١.