للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كما رواه أبو هريرة، وإنما يجمع على نِقاب، كما رواه أبو سعيد، وفيه برهان عظيم، ظهرت صحته ببركة دعائه - صلى الله عليه وسلم - للمدينة (١).

(إِلَّا عَلَيْهِ)؛ أي: على ذلك النقب، (الْمَلَائِكَةُ، صَافِّينَ) حال من الملائكة، وهو جمع صافّ من صَفَّ، (تَحْرُسُهَا)؛ أي: يحفظون أهلها، وفي رواية للبخاريّ: "يحرسونها"، والجملة حال، وهي من الأحوال المتداخلة. (فَيَنْزِلُ)؛ أي: الدجال بعد أن منعته الملائكة من الدخول فيها، (بِالسَّبَخَةِ) بكسر الباء صفة، وهي الأرض التي تعلوها الملوحة، ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر، وبفتحها اسم، وهو موضع قريب من المدينة.

وقال المجد - رحمه الله -: السَّبَخَة محرّكةً، ومسكّنةً: أرض ذات نَزٍّ، ومِلْحٍ، جمعه سِباخ. انتهى (٢).

(فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ) زاد في رواية البخاريّ: "بأهلها"، فينزل؛ أي: الدجال السبخة، و"ترجف" بضم الجيم؛ أي: تضطرب بأهلها أي ملتبسة بهم، وقيل: الباء للتعدية؛ أي: تحركهم، وتزلزلهم (ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ) بفتح الجيم، قال في "الفتح": والجمع بين قوله: "ترجف ثلاث رجفات" وبين قوله في الحديث الآخر: "لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال".

وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد، والحاكم، رفعه: "يجيء الدجال، فيصعد أُحُدًا، فيتطلع، فينظر إلى المدينة، فيقول لأصحابه: ألا ترون إلى هذا القصر الأبيض، هذا مسجد أحمد، ثم يأتي المدينة، فيجد بكل نقب من نقابها مَلكًا، مُصلِتًا سيفه، فيأتي سبخة الجرف، فيضرب رُواقه، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق، ولا منافقة، ولا فاسق، ولا فاسقة، إلا خرج إليه، فتخلص المدينة، فذلك يوم الخلاص".

وفي حديث أبي الطفيل، عن حذيفة بن أَسِيد: "وتُطْوَى له الأرض طيّ فَرْوة الكبش، حتى يأتي المدينة، فيغلب على خارجها، ويُمنع داخلها، ثم يأتي إيليا، فيحاصر عصابة من المسلمين".

وحاصل ما وقع به الجمع أن الرعب المنفيّ هو الخوف، والفزع، حتى


(١) "عمدة القاري" ١٠/ ٢٤٤.
(٢) "القاموس" ص ٥٨٧.