للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لغة قليلة الاستعمال، والمشهور: نُتج ثلاثيّ، وممن حكى اللغتين الأخفش، ومعناه: تولى الولادة، وهي النَّتْجُ، والإنتاج، ووَلَّد هذا بتشديد اللام معنى أنتج، والناتجُ للإبل، والمولِّد للغنم، وغيرها، كالقابلة للنساء. انتهى (١).

(قَال: فَكَانَ لِهَذَا)؛ أي: للأبرص (وَادٍ مِنَ الإِبِلِ، وَلِهَذَا)؛ أي: للأقرع (وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ، وَلِهَذَا)؛ أي: للأعمى (وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ).

(قَالَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: (ثُمَّ إِنَّهُ)؛ أي: الملَك (أَتَى الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ، وَهَيْئَتِهِ)؛ أي: التي جاء الأبرص عليها أول مرة، قال الطيبيّ: ولا يبعد أن يكون الضمير راجعًا إلى الأبرص، لعله يتذكر حاله، ويرحم عليه بماله، والأول أظهر في الحجة عليه، حيث جاءه في صورته التي تسبَّبت في جماله، وحصول كثرة ماله. انتهى.

وقال في "الفتح": قوله: "في صورته"؛ أي: في الصورة التي كان عليها لمّا اجتمع به، وهو أبرص؛ ليكون ذلك أبلغ في إقامة الحجة عليه. انتهى (٢).

(فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ) خبر لمحذوف؛ أي: أنا (قَدِ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ)؛ أي: الأسباب، قال الطيبيّ: الباء للتعدية، وتعقّبه بعضهم، فقال: فيه تأمل؛ لأن المعنى لا يساعد التعدية، والأصوب أن يقال: الباء بمعنى "من"، كما في قوله تعالى: {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦].

وقال في "الفتح": الحبال بكسر المهملة، بعدها موحدة خفيفة: جمع حبل؛ أي: الأسباب التي يقطعها في طلب الرزق، وقيل: العقبات، وقيل: الحبل هو المستطيل من الرمل، ولبعض رواة مسلم: "الحيال" بالمهملة والتحتانية: جمع حيلة؛ أي: لم يبق لي حيلة، ولبعض رواة البخاري: "الجبال" بالجيم، والموحدة، وهو تصحيف، قال ابن التين: قول الملك له: رجل مسكين. . . إلخ، أراد أنك كنت هكذا، وهو من المعاريض، والمراد به ضَرْب المثل ليتيقظ المخاطب. انتهى.

والمعنى: انقطعت الأسباب التي أستعين بها (فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ)؛ أي: لا كفاية (لِيَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللهِ)؛ أي: إيجادًا وإمدادًا، (ثُمَّ بِكَ)؛ أي: سببًا


(١) "شرح النوويّ" ١٨/ ٩٨ - ٩٩.
(٢) "الفتح" ٨/ ١٠٥.