وإسعادًا، وفيه من حُسن الأدب ما لا يخفى، حيث لم يقل: وبك، بل أتى بـ "ثم" التي لتراخي الرتبة والتنزل في المرتبة، قال الطيبيّ: أمثال ذلك من الملائكة ليست إخبارًا، بل من معاريض الكلام، كقول إبراهيم - عليه السلام -: {إِنِّي سَقِيمٌ}[الصافات: ٨٩]، وقوله:"هي أختي"، وكقول الملائكة لداود - عليه السلام -: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}[ص: ٢٣].
(أَسْأَلُكَ) مُقْسِمًا عليك، أو متوسلًا إليك (بالَّذِي) قال الطيبيّ: الباء للقَسَم، والاستعطاف؛ أي: أسألك بحقّ الذي، أو متوسّلًا بالذي (أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ، وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ، وَالْمَالَ)؛ أي: الإبل، (بَعِيرًا) مفعول "أسألك"؛ أي: أطلب منك بعيرًا (أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي) وفي رواية الكشميهني: "أتبلغ به"، وأتبلغ بالغين المعجمة، من البلغة وهي الكفاية، والمعنى: أتوصل به إلى مرادي. (فَقَالَ) الرجل: (الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ)؛ أي: حقوق المال كثيرة عليّ، ولم أقدر على أدائها، أو حقوق المستحقين كثيرة، فلم يحصل لك البعير، وقد أراد به دفعه، وهو غير صادق فيه، (فَقَالَ لَهُ) الملَك: (كَأَنِّي أَعْرِفُكَ) نكتة التشبيه المغالطة؛ لتمكنه المكابرة، (أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ)؛ أي: قد كنت أبرص (يَقْذَرُكَ النَّاسُ) بفتح الذال؛ أي: يكرهونك، ويستقذرونك، وهو حال، كقوله:(فَقِيرًا) أو هذا خبر ثان، وهو الأظهر؛ لقوله:(فَأَعْطَاكَ اللهُ)؛ أي: مالًا، أو جمالًا ومالًا، (فَقَالَ) الرجل: (إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ)؛ أي: كبيرًا عن كبير؛ أي: ورثته عن آبائي الذين ورثوه من أجدادي الذين ورثوه من آبائهم، كبيرًا عن كبير في العز والشرف والثروة، قاله النوويّ - رحمه الله -.
وقال الطيبيّ - رحمه الله - قوله:"كابرًا عن كابر" حال، يقال: هو كبير قومه أكبرهم في السنّ والرياسة، أو في النسب.
وقال القاري - رحمه الله - "كابرًا" حال؛ أي: كبيرًا آخذًا عن كبير، أو كبيرًا بعد كبير، والمعنى: حال كوني أكبر قومي سنًّا، ورياسة، ونسبًا، وآخذًا عن آبائي الذين هم كذلك حسًّا، ونِعم من قال [من الطويل]: