للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تكذيبه في آخر. انتهى (١).

(فَقالَ) الملك: (إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا، فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ) من البرص، والفاقة؛ أي: جعلك حقيرًا فقيرًا، وإنما أورد بصيغة الماضي؛ لأنه أراد المبالغة في الدعاء عليه، كذا قال الحافظ، وقال القاري: وقيل: ذكر "إن" دون "إذا" مع أن كَذِبه كان مقطوعًا به عند الملَك؛ لقصد التوبيخ، وتصوير أن الكذب في مثل هذا المقام يجب أن يكون، إلا على مجرد الفرض والتقدير. انتهى، قال القاري: والأظهر أنه عدل عن "إذا كذبت" إلى قوله: "إن كنت كاذبًا" بصيغة الماضي وبالوصف الدال على المتصف بالكذب غالبًا؛ للإشارة إلى أن مثل هذا يستحق الدعاء عليه، ولا يبعد أو تكون "إن" بمعنى "إذ"، كما قيل في قوله تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥]. انتهى.

وقال الطيبيّ: قوله: "إن كنت كاذبًا" هذا الشرط ليس على حقيقته؛ لأن الملك لم يشكّ في كذبه، بل هو مثل قول العامل إذا تسوّف في عُمالته: إن كنت عملتُ، فأعطني حقي، فعلى تصييره على ما كان عليه مقطوع حصوله، ويؤيّده قوله: "وسُخط على صاحبيك". انتهى (٢).

[فإن قلت]: لِمَ دخلت الفاء في الجزاء، وهو فعل ماض؟.

[قلت]: إنما دخلت لكونه دعاء، وهو إنشاء، وإن جُعل خبرًا يكون التقدير: فقد صيّرك الله، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: (وَأَتَى) الملَك (الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ) قال الطيبيّ: لم يذكر هنا الهيئة اختصارًا، أو سقط من الراوي، (فَقَالَ) الملَك (لَه)؛ أي: للأقرع، (مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا)؛ أي: الأبرص؛ يعني: قوله: رجل مسكين، قد انقطعت بي الحبال في سفري. . . إلخ. (وَرَدَّ) الملَك (عَلَيْهِ)؛ أي: على الأقرع، (مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَى هَذَا)؛ أي: الأبرص، وذلك بعد اعتذاره، وعدم إعطائه له، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أقرع. . . إلخ.

وقيل: معنى قوله: "مثل ما ردّ على هذا"؛ أي: كردّ الأبرص على هذا


(١) "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٣٣٣.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٥٣٤.