للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عتبة بن غزوان على البصرة، فهو الذي فتحها، وبَصَّر البصرة، واختطها، وكانت قبل ذلك الأُبُلّة، وبنى مسجد البصرة بقصب، ولم يبن بها دارًا، قال محمد بن عمر: وقد رُوي لنا أن عتبة بن غزوان كان مع سعد بن أبي وقاص بالقادسية، فوجّهه إلى البصرة بكتاب عمر بن الخطاب إليه، يأمره بذلك، قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدريّ، عن مصعب بن محمد بن شرحبيل، يعني ابن حسنة، قال: كان عتبة بن غزوان قد حضر مع سعد بن أبي وقاص حين هزم الأعاجم، فكتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص أن يضرب قيروانه (١) بالكوفة، وأن ابعث عتبة بن غزوان إلى أرض الهند، فإن له من الإسلام مكانًا، وقد شهد بدرًا، وقد رجوت جزءه عن المسلمين، والبصرة تسمى يومئذ أرض الهند، فينزلها، ويتخذ بها للمسلمين قيروانًا، ولا يجعل بيني وبينهم بحرًا، فدعا سعد بن أبي وقاص عتبة بن غزوان، وأخبره بكتاب عمر، فأجاب، وخرج من الكوفة في ثماني مائة رجل، فساروا حتى نزلوا البصرة، وإنما سُميت البصرةُ بصرةً؛ لأنها كانت فيها حجارة سُود، فلما نزلها عتبة بن غزوان ضرب قيروانه، ونزلها، وضرب المسلمون أخبيتهم، وخيامهم، وضرب عتبة بن غزوان خيمة له من أكسية، ثم رمى عمر بن الخطاب بالرجال، فلما كثروا بنى رهط منهم فيها سبع دساكر من لَبِن منها في الخريبة اثنتان، وفي الزأبوقة واحدة، وفي بني تميم اثنتان، وفي الأزد اثنتان، ثم إن عتبة خرج إلى فرات البصرة، ففتحه، ثم رجع إلى البصرة، وقد كان أهل البصرة يغزون جباب فارس مما يليها، وجاء كتاب عمر بن الخطاب إلى عتبة بن غزوان: أن انزلها بالمسلمين، فيكونوا بها، وليغزوا عدوّهم من قريب، وكان عتبة خطب الناس، وهي أول خطبة خطبها بالبصرة، فقال:

"الحمد لله، أحمده، وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: أيها الناس فإن الدنيا قد وَلّت حَذّاء، وآذنت أهلها بوداع، فلم يبق منها إلا صُبابة كصُبابة الإناء، ألا وإنكم تاركوها، لا محالة، فاتركوها بخير ما بحضرتكم، ألا وإن من العجب أن يؤتى


(١) "القيروان": القافلة، معرّبٌ، قاله في "القاموس".