(فَيُخْتَمُ) بالبناء للمفعول، (عَلَى فِيهِ)؛ أي: فمه، (وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ، وَلَحْمِهِ، وَعِظَامِهِ، انْطِقِي) بأعماله، (فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ، وَلَحْمُهُ، وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ)؛ أي: بكل ما عمله في الدنيا، (وَذَلِكَ)؛ أي: إنطاق أعضائه، أو بَعْث الشاهد عليه، وقال الطيبيّ - رحمه الله -: أشار إلى المذكور من السؤال والجواب، وخَتْم الفم، ونطق الفخذ، وغيره (لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ) قال التوربشتيّ - رحمه الله -: "ليُعذر" على بناء الفاعل، من الإعذار، والمعنى: ليزيل الله عذره من قِبَل نفسه، بكثرة ذنوبه، وشهادة أعضائه عليه، بحيث لم يبق له عذر يتمسك به، وقيل: ليصير ذا عذر في تعذيبه من قِبَل نفس العبد. انتهى (١).
(وَذَلِكَ)؛ أي: العبد الثالث هو (الْمُنَافِقُ، وَذَلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ)؛ أي: يغضب (اللهُ) - سبحانه وتعالى - (عَلَيْهِ") لمخادعته ربّه، وتظاهره بمظاهر مَن عنده حسنات، وليس عنده شيء، كما قال تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}[النساء: ١٤٢]، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٧٤٠٨](٢٩٦٨)، و (أبو داود) في "السُّنّة" (٤٧٣٠)، و (الترمذيّ) في "صفة القيامة" (٢٤٢٨)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٤٩٤)، و (الحميديّ) في "مسنده" (١١٧٨)، و (ابن خزيمة) في "التوحيد" (ص ١٥٢ - ١٥٣)، و (ابن أبي عاصم) في "السُّنَّة" (٤٤٥)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٧٤٤٥)، و (ابن منده) في "الإيمان" (٨٠٩)، و (اللالكائيّ) في "اعتقاد أهل السُّنّة" (٨٢٣)، و (البيهقيّ) في "شعب الإيمان" (١/ ٢٥٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): إثبات رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة، وهو مجمَع عليه بين أهل السُّنّة، دلّ عليه الكتاب، والسنن الصحيحة.