للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مالك، قال: "كنا عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فضحك، فقال: ضحكت من مخاطبة العبد ربه" الحديث، قال: فهذا حديث رواه الأشجعيّ، وأبو عامر الأسديّ، عن الثوريّ، بهذا الإسناد، ورواه شريك بن عبد الله، عن عُبيد المكتب، عن الشعبيّ، عن أنس، ولم يذكر في إسناده فضيل بن عمرو، ورواه عمارة بن القعقاع، عن الشعبيّ، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر أنسًا، ولا يُعرف بهذا الإسناد حديث غير هذا، وذِكر الشعبيّ عن أنس شيء يسير. انتهى كلام ابن عمّار - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة ما أشار إليه ابن عمار - رحمه الله - إعلال هذا الحديث بالاضطراب، وذلك أن الأشجعيّ رواه متّصلًا، وتابعه عليه أبو عامر الأسديّ - واسمه مهران بن أبي عمر - وخالفهما شريك بن عبد الله، فأسقط من الإسناد فضيل بن عمرو، وخالف الجميع عمارة بن القعقاع، فرواه مرسلًا، هذا خلاصة إعلاله.

والجواب عن مسلم - رحمه الله - أن يقال: إن هذا الاختلاف لا يضرّ؛ لأن الأشجعيّ حافظ حجة، ولا سيّما في الثوريّ، فلا يؤثّر فيه مخالفة غيره له، ولا سيّما مع متابعة أبي عامر الأسديّ له، ومخالفة مثل شريك المطعون في حفظه، وكذا إرسال عمارة بن القعقاع لا يضرّ؛ لأنه ليس مثله في الحفظ.

وقد وافق مسلمًا في تصحيح رواية الأشجعي أبو زرعة الرازيّ، فقد ذكر ابن أبي حاتم في "العلل" (٣/ ٢٨٥) قال: وسئل أبو زرعة عن حديث رواه سفيان عن عُبيد المكتب عن فضيل بن عمرو الفقيميّ، عن الشعبيّ، عن أنس، قال: ضحك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، ثم قال: "أتدرون مم أضحك. . ." وذكر الحديث، ثم قال: ورواه شريك عن عبيد المكتب عن الشعبيّ، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقيل لأبي زرعة: أيهما أصحّ؟ قال: حديث سفيان. انتهى.

والحاصل: أن الحديث صحيح، ولا أثر للمخالفة المذكورة، كما صححه مسلم، وأبو زرعة، فتنبّه، والله تعالى أعلم.


(١) "علل الأحاديث في كتاب صحيح مسلم" ص ١٥٦ - ١٥٨.