للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [فصلت: ٢٠]، وهذا معنى قوله هنا: (فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ)؛ أي: أعضائه، وقد تقدّم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المذكور قبله: "فيُختم على فيه، ويقال لفخذه، ولحمه، وعظامه: انطقي. . .". (انْطِقِي، قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: (فَتَنْطِقُ) أركانه (بِأَعْمَالِهِ)؛ أي: بكلّ ما عملته تلك الأركان، وارتكبته في الدنيا. (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: (ثُمَّ يُخَلَّى)؛ أي: يُترك (بَيْنَهُ)؛ أي: بين هذا العبد (وَبَيْنَ الْكَلَامِ)؛ أي: يُرفع الختم من فيه، حتى يتكلم بالكلام العاديّ، فشهادة ألسنتهم في الآية يراد بها نوع آخر من الكلام على خرق العادة، والله تعالى أعلم به. (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: (فَيَقُولُ) العبد لأركانه ذمًّا، وتوبيخًا لهنّ: (بُعْدًا لَكُنَّ، وَسُحْقًا) بضم، فسكون، وبضمّتين؛ أي: هلاكًا، وهما مصدران ناصبهما مقدَّر، والخطاب للأركان؛ أي: ابعُدْن، واسحقن، (فَعَنْكُنَّ)؛ أي: عن قِبَلكنّ، ومن وجهتكنّ، ولأجل خلاصكنّ (كُنْتُ أُنَاضِلُ")؛ أي: أجادل، وأخاصم، وأدافع على ما في "النهاية وقال بعضهم: أي: أخاصم لخلاصكنّ، وأنتنّ تُلقين أنفسكن فيها، والمناضلة: المراماة بالسهام، والمراد هنا: المحاجة بالكلام، يقال: ناضل فلان عن فلان: إذا رمى عنه، وحاجّ، وتكلم بعذر، ودفع عنه.

وقال القاري - رحمه الله -: وجوابهن محذوف دلّ عليه قوله تعالى: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)} [فصلت: ٢١ - ٢٣]، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

[تنبيه]: تكلّم الحافظ أبو الفضل بن عمّار الشهيد - رحمه الله - في هذا الحديث، فقال: ووجدت فيه - أي: في "صحيح مسلم" - حديث الأشجعيّ، عن سفيان، عن عُبيد المكتب، عن فُضيل بن عمرو الْفُقيميّ، عن الشعبيّ، عن أنس بن