(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها -؛ أنها (قَالَتْ: مَا) نافية، (شَبعَ) بكسر الموحّدة، كسَمِنَ، يقال: شَبِعَ شِبَعًا، بفتح الباء، وسكونُها تخفيف، وبعضهم يجعل الساكن اسمًا لِمَا يُشْبَع به، من خبز، ولحم، وغير ذلك، فيقول: الرغيف شِبْعِي؛ أي: يُشبعني، ويتعدى إلى المفعول بنفسه، فيقال: شَبِعْتُ لحمًا، وخبزًا، قاله الفيّوميّ (١). (ما شبع آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -) المراد: النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته، وقوله:(مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ) يُخرج ما كانوا فيه قبل الهجرة، (مِنْ طَعَامِ بُرٍّ) يُخرج ما عدا ذلك من أنواع المأكولات، (ثَلَاثَ لَيَالٍ)؛ أي: بأيامها (تِبَاعًا) بكسر التاء، يُخرج التفاريق، وقوله:(حَتَّى قُبِضَ) بالبناء للمفعول إشارة إلى استمراره على تلك الحال مدة إقامته - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وهي عشر سنين بما فيها من أيام أسفاره، في الغزو، والحجّ، والعمرة. وزاد ابن سعد من وجه آخر عن إبراهيم:"وما رُفع عن مائدته كسرة خبز فضلًا حتى قُبض"، ووقع في رواية الأعمش عن منصور فيه بلفظ:"ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وفي رواية عبد الرحمن بن عابس، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -: "ما شبع آل محمد من خبز برّ مأدوم"، وفي رواية عبد الرحمن بن يزيد، عن الأسود، عن عائشة - رضي الله عنها -: "ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من خبز الشعير يومين متتابعين، حتى قُبض"، أخرجاه، وعند مسلم من رواية يزيد بن قُسيط، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها -: "ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خبز وزيت في يوم واحد مرتين"، ومن طريق مسروق عنها:"والله ما شبع من خبز، ولحم في يوم مرتين".
وعند ابن سعد أيضًا من طريق الشعبيّ عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تأتي عليه أربعة أشهر، ما يشبع من خبز البرّ".
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - نحو حديث الباب، ذكره البخاريّ في "الأطعمة" من طريق سعيد المقبريّ عنه: "ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام تباعًا من خبز حنطة، حتى فارق الدنيا". وأخرجه مسلم أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا، ولم يشبع من خبز الشعير في اليوم الواحد غداءً وعشاءً".
وفي حديث سهل بن سعد - رضي الله عنهما -: "ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبعتين في يوم حتى فارق الدنيا"، أخرجه ابن سعد، والطبرانيّ.