للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووقع في رواية سعيد، عن أبي هريرة، عند ابن سعد: "كان يمرّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - هلال، ثم هلال، ثم هلال، لا يوقد في شيء من بيوته نارٌ، لا لخبز، ولا لطبخ"، وفي رواية ابن ماجه من طريق أبي سلمة، عن عائشة بلفظ: "لقد كان يأتي على آل محمد الشهر، ما يُرَى في بيت من بيوته الدخان".

(قَالَ) عروة: (قُلْتُ: يَا خَالَةُ) بضم التاء؛ لأنه منادى مفرد، (فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ؟) (١) بضم أوله، يقال: أعاشه الله؛ أي: أعطاه العيش، وضبطه النوويّ بتشديد التحتانيّة، وفي بعض النسخ: "ما يُغنيكم"، قاله في "الفتح".

وقال في "العمدة": "يُعيشكم" بضم الياء، من أعاشه الله تعالى عيشة، وقال النوويّ: بفتح العين، وكسر الياء المشددة، قال: وفي بعض النسخ المعتمدة - يعني: في نسخ مسلم - "فما كان يقيتكم" من القوت، صرح بذلك القونوي في مختصر شرح مسلم، وقال بعضهم (٢): وفي بعض النسخ: "ما يغنيكم" بسكون المعجمة، بعدها نون مكسورة، ثم تحتانية ساكنة. انتهى، قال العينيّ: كأنه صُحِّف عليه، فجعله من الإغناء، وليس هو من القوت، فعلى قول تكون هذه رواية رابعة، فتحتاج إلى البيان. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: يشير العينيّ بهذا إلى صاحب "الفتح"، ولا يخفى ما فيه من الطعن، والحقّ أن الحافظ إمام لا يُجازف، بل هو متثبّت في نقلها، فلا همز، ولا لمز أيها العينيّ، سامحك الله تعالى.

وفي رواية أبي سلمة عن عائشة نحوه، وفيه: "قلت: فما كان طعامكم؟ "، (قَالَت) عائشة - رضي الله عنها -: طعامنا (الأَسْوَدَانِ)، وقولها: (التَّمْرُ وَالْمَاءُ) بدل مما قبله، قال في "الفتح": قولها: "الأسودان: التمر والماء"، وفي حديث أبي هريرة: "قالوا: بأي شيء كانوا يعيشون" نحوه، وفي هذا إشارة إلى ثاني الحال بعد أن فُتحت قريظة، وغيرها، ومن هذا ما أخرجه الترمذيّ من حديث الزبير: "قال: لما نزلت: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)} [التكاثر: ٨] قلت: وأي نعيم نُسأل عنه، وإنما هو الأسودان التمر والماء؟، قال: إنه


(١) وفي نسخة: "يقيتكم".
(٢) يريد الحافظ ابن حجر.