(إِلَّا أَنَّهُ)؛ أي: الحال والشأن، (قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ) بكسر الجيم، زاد الإسماعيليّ من طريق محمد بن الصباح، عن عبد العزيز:"نِعم الجيران كانوا"، وفي رواية أبي سلمة:"جيران صِدق"، (مِنَ الأَنْصَارِ) زاد أبو هريرة في حديثه: "جزاهم الله خيرًا"، (وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ) جمع منيحة - بفتح الميم، وكسر النون، وسكون الياء، وفي آخره جاء مهملة - وهي ناقة، أو شاة تعطيها غيرك، ليحتلبها، ثم يردّها عليك، وقد تكون المنيحة عطية للرقبة بمنافعها مؤبّدة، مثل الهبة، وقال الفراء: منحته منيحةً، وهي الناقة، والشاة يعطيها الرجل لآخر يحلبها، ثم يردّها، وزعم بعضهم أن المنيحة لا تكون إلا ناقة، وقال أبو عبيد: المنيحة عند العرب على وجهين: أن يعطي الرجل صاحب صلة، فيكون له، وأن يمنحه ناقة، أو شاة، ينتفع بحلبها، ووَبَرها، وصوفها زمنًا، ثم يردّها، وقال إبراهيم الحربيّ: العرب تقول: منحتك الناقة، وأنحلتك الوبر، وأعريتك النخلة، وأعمرتك الدار، وهذه كلها هبة منافع، يعود بعدها مثلها (١).
(فَكَانُوا) هؤلاء الجيران، (يُرْسِلُونَ) وفي رواية البخاريّ: "يمنحون" من المنح، وهو العطاء، يقال: منحه يمنحه، من باب فتحه يفتحه، ومنحه يمنحه، من باب ضربه يضربه، والاسم: المنحة بالكسر، وهي العطية. (إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَلْبَانِهَا)؛ أي: من ألبان تلك المنائح (فَيَسْقِينَاهُ) وفي رواية الإسماعيليّ: "فيسقينا منه".
وروى الترمذيّ، وصححه من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يبيت الليالي المتتابعة، وأهله طاوين، لا يجدون عَشاء".
وروى ابن ماجه من حديث أبي هريرة:"أتى النبيّ بطعام سخن، فأكل، فلما فرغ قال: الحمد لله ما دخل بطني طعام سخن منذ كذا وكذا"، وسنده حسن.
ومن شواهد الحديث: ما أخرجه ابن ماجه بسند صحيح، عن أنس:"سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول مرارًا: والذي نفس محمد بيده، ما أصبح عند آل محمد صاع حَبٍّ، ولا صاع تمر، وإن له يومئذ لتسع نسوة"، وله شاهد عند ابن ماجه عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم.