للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو كان نجسًا، ولولا نجاسته لَمَا أتلف الطعام المحترم شرعًا، من حيث إنه مال، وإنه غذاء الأبدان، وقوامها، وأمْره لهم أن يستقوا من بئر الناقة دليل على التبرّك بآثار الأنبياء والصالحين (١)، وإن تقادمت أعصارهم، وخفيت آثارهم، كما أن في الأول دليلًا على بغض أهل الفساد، وذم ديارهم، وآثارهم، هذا، وإن كان التحقيق أن الجمادات غير مؤاخذات، لكن المقرون بالمحبوب محبوب، والمقرون بالمكروه المبغوض مبغوض، كما قال كُثَيِّر [من الوافر]:

أُحِبُّ بِحُبِّهَا السُّودَانَ حَتَّى … أحِبُّ لِحُبِّهَا سُودَ الْكِلَابِ

وقال آخر [من الطويل]:

أَمُرُّ عَلَى الدِّيَارِ ديَارِ لَيْلَى … أُقَبِّلُ ذَا الْجِدَارَ وَذَا الْجِدَارَا

وَمَا تِلْكَ الدِّيَارُ شَغَفْنَ قَلْبِي … وَلَكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيَارَا

وفي أمره - صلى الله عليه وسلم - بعلف الإبل العجين دليل على جواز حمل الرجل النجاسة إلى كلابه؛ ليأكلوها، خلافًا لمن منع ذلك من أصحابنا - يعني: المالكيّة - وقال: تُطلق الكلاب عليها، ولا يحملها لهم. انتهى (٢).

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٣/ ٧٤٣٥ و ٧٤٣٦] (٢٩٨١)، و (البخاريّ) في "الأنبياء" (٣٣٧٨ و ٣٣٧٩)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٦٢٠٢ و ٦٢٠٣)، و (البيهقيّ) في "الدلائل" (٥/ ٢٣٣ - ٢٣٤)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (٤١٦٧)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في ذكر قصّة ناقة صالح - عليه السلام -:

ذكر الإمام ابن كثير - رحمه الله - في "تفسيره": أن قوم صالح - عليه السلام - سألوا صالحًا أن يأتيهم بآية، واقترحوا عليه أن تخرج لهم من صخرة صمّاء عَيّنوها بأنفسهم، وهي صخرة منفردة في ناحية الحِجْر، يقال لها: الكَاتبة، فطلبوا منه أن يُخرج


(١) هذا ليس على إطلاقه، فتنبّه.
(٢) "المفهم" ٧/ ٣٥٥ - ٣٥٦.