وقال في "الفتح": معنى قوله: "له" بأن يكون جدًّا، أو عَمًّا، أو أخًا، أو ذحو ذلك، من الأقارب، أو يكون أبو المولود قد مات، فتقوم أمه مقامه، أو ماتت أمه، فقام أبوه في التربية مقامها، وأخرج البزار من حديث أبي هريرة موصولًا:"من كفل يتيمًا ذا قرابة، أو لا قرابة له"، وهذه الرواية تفسر المراد بالرواية التي قبلها. انتهى (١).
(أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ"، وَأَشَارَ مَالِكٌ) الإمام الراوي هنا عن ثور، (بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) إشارة إلى تقارب المنزلتين.
وقال في "الفتح": قوله: "وأشار بإصبعيه السبابة"، في رواية الكشميهنيّ: "السبّاحة" بمهملة، بدل الموحّدة الثانية، و"السبّاحة" هي الإصبع التي تلي الإبهام، سُمّيت بذلك؛ لأنها يُسَبَّح بها في الصلاة، فيشار بها في التشهد لذلك، وهي السبابة أيضًا، لأنها يُسَبُّ بها الشيطان حينئذٍ.
زاد في رواية: "وفرّج بينهما"؛ أي: بين السبابة والوسطى، وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وكافل اليتيم قَدْر تفاوت ما بين السبابة والوسطى، وهو نظير الحديث الآخر: "بُعثت أنا والساعة كهاتين … " الحديث.
وزعم بعضهم أنه - صلى الله عليه وسلم - لمّا قال ذلك استوت إصبعاه في تلك الساعة، ثم عادتا إلى حالهما الطبيعية الأصلية؛ تأكيدًا لأمر كفالة اليتيم.
وتعقّبه الحافظ قائلًا: مثل هذا لا يثبت بالاحتمال، ويكفي في إثبات قرب المنزلة من المنزلة أنه ليس بين الوسطى والسبابة إصبع أخرى.
وقد وقع في رواية لأم سعيد عند الطبرانيّ: "معي في الجنة كهاتين - يعني: المسبحة والوسطى - إذا اتقى".
وَيَحْتَمِل أن يكون المراد: قرب المنزلة حالة دخول الجنة؛ لِمَا أخرجه أبو يعل من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه: "أنا أول من يفتح باب الجنة، فإذا امرأة تبادرني، فأقول: من أنت؟ فتقول: أنا امرأة تأيمت على أيتام لي"، ورواته لا بأس بهم، وقوله: "تبادرني"؛ أي: لتدخل معي، أو تدخل في إثري.
وَيَحْتَمِل أن يكون المراد مجموع الأمرين: سرعة الدخول، وعلوّ المنزلة.