للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأنتم تسمعون، و"أسمعكم" بضم الهمزة، من الإسماع، ويروى: "إلا بسمعكم"، بصيغة المصدر، قاله في "العمدة" (١).

(وَاللهِ لَقَدْ كلَّمْتُهُ فيمَا بَيْني وَبَيْنَهُ) سرًّا؛ يعني: أني كلّمته في السرّ دون أن أفتح بابًا من أبواب الفتن، حاصل المعنى: أنه كلّمه طلبًا للمصلحة، لا تهييجًا للفتنة؛ لأن المجاهرة على الأمراء بالإنكار، يكون فيه نوع القيام عليهم؛ لأن فيه تشنيعًا عليهم يؤدي إلى افتراق الكلمة، وتشتيت الجماعة (٢)، وقوله: (مَا) زائدة؛ أي: كلمته (دُونَ أَنْ أفتَتِحَ أَمْرًا)؛ أي: كلمته فيما أشرتم إليه، لكن على سبيل المصلحة، والأدب في السرّ، بغير أن يكون في كلامي ما يثير فتنة، أو نحوها، و "ما" موصوفة، ويجوز أن تكون موصولة.

وقوله: (لَا أُحِبُّ) جملة في محلّ نصب صفة لـ"أمرًا".

(لَا أُحِبُّ أَنْ كُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ) وللبخاريّ: "من يفتحه"، يعني: لا أكلمه إلا مع مراعاة المصلحة، بكلام لا يهيج به فتنة، (وَلَا أقولُ لأَحَدٍ، يَكُونُ عَلَيَّ) بتشديد الياء، (أَمِيرًا، إِنَّهُ)، أي: هذا الرجل (خَيْرُ النَّاسِ، بَعْدَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:) وفي رواية سفيان: "بعد شيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: ومنا سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: يجاء بالرجل"، وفي رواية عاصم بن بَهْدلة، عن أبي وائل، عند أحمد: "يجاء بالرجل الذي كان يطاع في معاصي الله، فيقذف في النار". ("يُؤْتَى) بالبناء للمفعول، (بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُلْقَى) بالبناء للمفعول أيضًا؟ أي: يُطرح (فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ) من الاندلاق، وهو الخروج بسرعة، يقال: اندلق السيفُ من غمده: إذا خرج من غير أن يسله أحد، والمعنى: أنه تنصب أمعاؤه من جوفه، وتخرج من دبره، (أقتَابُ بَطْنِهِ) الأَقتاب بالفتح: جمع قِتْب بكسر القاف، وسكون المثناة، بعدها موحّدة: هي الأمعاء، والقتب مؤنثة، وتصغيره قتيبة، ومنه سمي الرجل قتيبة. (فَيَدُورُ بِهَا كمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى) وفي رواية للبخاريّ: "فيطحن فيها كطحن الحمار وفي رواية: "يستدير فيها كما يستدير الحمار(فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ) وفي رواية البخاريّ: "فيطيف به أهل النار"؛ أي: يجتمعون حوله، يقال: أطاف به


(١) "عمدة القاري" ١٥/ ١٦٦.
(٢) "عمدة القاري" ١٥/ ١٦٦.