للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القوم: إذا حلّقوا حوله حلقة، وإن لم يدوروا، وطافوا إذا داروا حوله، وبهذا التقرير يظهر خطأ من قال: إنهما بمعنى واحد، وفي رواية: "فيأتي عليه أهل طاعته من الناس"، (فَيَقُولُونَ: يَا فُلَانُ) وللبخاريّ: "فيقولون: أي فلان"، (مَا لَكَ؟) وفي رواية: "ما شأنك؟ " وفي رواية: "أي قل: أين ما كنت تأمرنا به؟ " (أَلمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ) وللبخاريّ: "ألست كنت تأمر بالمعروف، (وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَر) قال في "العمدة": المعروف: اسم جامع لكل ما عُرف من طاعة الله عز وجل، والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع، والمنكر ضدّ المعروف، وكل ما قبّحه الشرع، وحرّمه، وكرهه، فهو منكر. انتهى (١).

(فَيَقُولُ) الرجل: (بَلَى، قَدْ كنْتُ آمرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا آتِيهِ)؛ أي: لا أفعل ذلك المعروف، (وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَآتِيهِ")؟ أي: أفعل ذلك المنكر، وفي رواية عاصم: "وإني كنت آمركم بأمر، وأخالفكم إلى غيره".

قال المهلّب رحمه الله: أرادوا من أسامة - رضي الله عنه - أن يكلم عثمان، وكان من خاصته، وممن يخفّ عليه في شأن الوليد بن عقبة؛ لأنه كان ظهر عليه ريح نبيذ، وشُهر أمره، وكان أخا عثمان لأمه، وكان يستعمله، فقال أسامة: قد كلمته سرًّا دون أن أفتح بابًا، أي: باب الإنكار على الأئمة علانية؛ خشية أن تفترق الكلمة، ثم عرّفهم أنه لا يداهن أحدًا، ولو كان أميرًا، بل ينصح له في السرّ جهده، وذكر لهم قصة الرجل الذي يُطرح في النار؛ لكونه كان يأمر بالمعروف، ولا يفعله؛ ليتبرأ مما ظنوا به من سكوته عن عثمان في أخيه. انتهى ملخصًا.

قال الحافظ: وجَزْمه بأن مراد من سأل أسامة الكلام مع عثمان أن يكلمه في شأن الوليد ما عرفت مستنَده فيه، وسياق مسلم من طريق جرير عن الأعمش يدفعه، ولفظه: عن أبي وائل: "كنا عند أسامة بن زيد، فقال له رجل: ما يمنعك أن تدخل على عثمان، فتكلمه فيما يصنع … " قال: وساق الحديث بمثله.

وجزم الكرمانيّ بأن المراد: أن يكلمه فيما أنكره الناس على عثمان من تولية أقاربه، وغير ذلك مما اشتهر.

وقوله: إن السبب في تحديث أسامة بذلك؛ ليتبرأ مما ظنوه به ليس


(١) "عمدة القاري" ١٥/ ١٦٦.