للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بواضح، بل الذي يظهر أن أسامة كان يخشى على من ولي ولاية، ولو صغرت أنه لا بد له من أن يأمر الرعية بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ثم لا يأمن من أن يقع منه تقصير، فكان أسامة يرى أنه لا يتأمر على أحد، وإلى ذلك أشار بقوله: "لا أقول للأمير: إنه خير الناس"، أي: بل غايته أن ينجو كفافًا.

وقال عياض: مراد أسامة: أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام؛ لِمَا يَخشى من عاقبة ذلك، بل يتلطف به، وينصحه لسرًّا، فذلك أجدر بالقبول (١)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٩/ ٧٤٥٢ و ٧٤٥٣] (٢٩٨٩)، و (البخاري) في "بدء الخلق" (٣٢٦٧) و"الفتن" (٧٠٩٨)، و (أحمد) في "مسنده " (٥/ ٢٠٥ - ٢٠٩)، و (الحميديّ) في "مسنده" (١/ ٢٥٠)، و (الحاكم) في "المستدرك" (٤/ ٨٩)، و (أبو نعيم) في "الحلية" (٤/ ١١٢)، و (الطيب البغداديّ) في "اقتضاء العلم والعمل" (١/ ٥٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (١٠/ ٩٤)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (١٤/ ٣٥١)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): أن قوله: "لا أقول لأحد يكون عليّ أميرًا: إنه خير الناس" فيه ذمّ مداهنة الأمراء في الحقّ، وإظهار ما يبطن خلافه، كالمتملق بالباطل، فأشار أسامة - رضي الله عنه - إلى أن المداراة محمودة، والمداهنة مذمومة، وضابط المداراة: أن لا يكون فيها قدح في الدين، والمداهنة المذمومة: أن يكون فيها تزيين القبيح، وتصويب الباطل، ونحو ذلك.

٢ - (ومنها): ما قاله الطبريّ رحمه الله: اختَلَف السلف في الأمر بالمعروف، فقالت طائفة: يجب مطلقًا، واحتجوا بحديث طارق بن شهاب رفعه: "أفضل


(١) "الفتح" ١٦/ ٥١٢ - ٥١٣، "كتاب الفتن" رقم (٧٠٩٨).