للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر"، وبعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده … " الحديث.

وقال بعضهم: يجب إنكار المنكَر لكن شرطه أن لا يَلحق المنكِر بلاء، لا قِبَل له به، من قتل ونحوه.

وقال آخرون: ينكر بقلبه؛ لحديث أم سلمة - رضي الله عنها - مرفوعًا: "يُستعمل عليكم أمراء بعدي، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع … " الحديث.

قال: والصواب اعتبار الشرط المذكور، ويدل عليه حديث: "لا ينبغي لمؤمن أن يذلّ نفسه"، ثم فسَّره بأن يتعرض من البلاء لِمَا لا يطيق. انتهى ملخصًا.

وقال غيره: يجب الأمر بالمعروف لمن قَدَر عليه، ولم يخف على نفسه منه ضررًا، ولو كان الآمر متلبسًا بالمعصية، لأنه في الجملة يؤجر على الأمر بالمعروف، ولا سيما إن كان مطاعًا، وأما إثمه الخاصّ به فقد يغفره الله له، وقد يؤاخذه به، وأما من قال: لا يأمر بالمعروف إلا من ليست فيه وصمة، فإن أراد أنه الأَولى فجيّد، وإلا فيستلزم سدّ باب الأمر إذا لم يكن هناك غيره.

ثم قال الطبريّ: فإن قيل: كيف صار المأمورون بالمعروف في حديث أسامة المذكور في النار؟. والجواب: أنهم لم يمتثلوا ما أُمروا به، فعُذِّبوا بمعصيتهم، وعُذِّب أميرهم بكونه كان يفعل ما ينهاهم عنه (١).

٣ - (ومنها): أن في الحديث تعظيمَ الأمراء، والأدب معهم، وتبليغهم ما يقول الناس فيهم؛ ليكفوا، وبأخذوا حذرهم، بلطف، وحسن تأدية، بحيث يبلغ المقصود من غير أذية للغير.

٤ - (ومنها): أن فيه وصفَ جهنم بأمر عظيم، روى مسلم عن ابن مسعود مرفوعًا: "يؤتى بجهنم يوم القيامة لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك، يجرونها".

ولابن وهب عن زيد بن أسلم، عن عليّ - رضي الله عنه - مرفوعًا: "فبينما هم يجرونها إذ شردت عليهم شردة، فلولا أنهم أدركوها لأحرق من في الجمع " (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ١٣/ ٥٢.
(٢) "عمدة القاري" ١٥/ ١٦٦.