للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشماتة، وبالمهملة هو من السمت، وهو القصد، والهدى. انتهى (١).

وقال في "الفتح": "فشمّت" بالمعجمة، وللسرخسيّ بالمهملة، ووقع في روإية أحمد عن يحيى القطان، عن سليمان التيميّ: "فشمّت، أو سمّت" بالشك في المعجمة، أو المهملة، وهو من التشميت، قال الخليل، وأبو عبيد، وغيرهما: يقال بالمعجمة، وبالمهملة، وقال ابن الأنباريّ: كل داع بالخير مُشَمِّت بالمعجمة، وبالمهملة، والعرب تجعل الشين والسين في اللفظ الواحد بمعنى. انتهى.

قال الحافظ: وهذا ليس مطردًا، بل هو في مواضع معدودة، وقد جمعها شيخنا شمس الدين الشيرازيّ صاحب "القاموس" في جزء لطيف.

قال أبو عبيد: التشميت بالمعجمة أعلى، وأكثر، وقال عياض: هو كذلك للأكثر من هل العربية، وفي الرواية، وقال ثعلب: الاختيار أنه بالمهملة؛ لأنه مأخوذ من السمت، وهو القصد، والطريق القويم، وأشار ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام" إلى ترجيحه.

وقال القزاز: التشميت التبريك، والعرب تقول: شمّته: إذا دعا له بالبركة، وشمّت عليه: إذا برّك عليه، وفي الحديث في قصة تزويج عليّ بفاطمة - رضي الله عنهما - شمّت عليهما: إذا دعا لهما بالبركة.

ونقل ابن التين عن أبي عبد الملك قال: التسميت بالمهملة أفصح، وهو من سمت الإبل في المرعى: إذا جمعت، فمعناه على هذا: جمع الله شملك.

وتعقبه بأن سمت الإبل إنما هو بالمعجمة، وكذا نقله غير واحد أنه بالمعجمة، فيكون معنى سمّته: دعا له، بأن يجمع شمله، وقيل: هو بالمعجمة من الشماتة، وهو فرح الشخص بما يسوء عدوه، فكأنه دعا له أن لا يكون في حال من يُشمت به، أو أنه إذا حمد الله أدخل على الشيطان ما يسوؤه، فشمت هو بالشيطان، وقيل: هو من الشوامت جمع شامتة، وهي القائمة، يقال: لا ترك الله له شامتة؛ أي: قائمة.

وقال ابن العربي في "شرح الترمذيّ": تكلم أهل اللغة على اشتقاق اللفظين، ولم يبينوا المعنى فيه، وهو بديع، وذلك أن العاطس ينحلّ كلّ عضو في رأسه، وما يتصل به من العنق، ونحوه، فكأنه إذا قيل له: رحمك الله، كان معناه


(١) "شرح النوويّ" ١٨/ ١٢٠.