للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): أن التشميت إنما يُشرع لمن حمد الله تعالى، قال ابن العربيّ: وهو مجمع عليه.

٣ - (ومنها): جواز السؤال عن علة الحكم، وبيانها للسائل، ولا سيما إذا كان له في ذلك منفعة.

٤ - (ومنها): أن العاطس إذا لم يحمد الله تعالى لا يلقن الحمد ليحمد، فيشمّت، كذا استدل به بعضهم، وهو ظاهر هذا الحديث، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يلقّن الساكت الحمد حتى يشمّته، بل سكت عنه.

٥ - (ومنها): أن من آداب العاطس أن يخفض بالعطس صوته، ويرفعه بالحمد، وأن يغطي وجهه؛ لئلا يبدو من فيه، أو أنفه ما يؤذي جليسه، ولا يلوي عنقه يمينًا ولا شمالًا؛ لئلا يتضرر بذلك.

قال ابن العربيّ: الحكمة في خفض الصوت بالعطاس أن في رفعه إزعاجًا للأعضاء، وفي تغطية الوجه أنه لو بدر منه شيء آذى جليسه، ولو لوى عنقه صيانة لجليسه لم يأمن من الالتواء، وقد شاهدنا من وقع له ذلك، وقد أخرج أبو داود، والترمذيّ بسند جيّد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا عطس وضع يده على فيه، وخفض صوته، وله شاهد من حديث ابن عمر بنحوه، عند الطبرانيّ.

٦ - (ومنها): ما قاله ابن دقيق العيد رَحِمَهُ اللهُ: ومن فوائد التشميت: تحصيل المودة، والتأليف بين المسلمين، وتأديب العاطس بكسر النفس عن الكِبْر، والحمل على التواضع؛ لِمَا في ذكر الرحمة من الإشعار بالذنب الذي لا يعرى عنه أكثر المكلفين، ذكره في "الفتح" (١)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم تشميت العاطس:

قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: أجمعت الأمة على أن تشميت العاطس مشروع، ثم اختلفوا في، إيجابه، فأوجبه أهل الظاهر، وابن مريم من المالكية، على كل من سمعه؛ لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته"، قال القاضي: والمشهور من مذهب مالك أنه فرض كفاية، قال: وبه قال جماعة من العلماء،


(١) "الفتح" ١٤/ ١١٠.